للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

طريق سعيد بن عُبيد الله، عن بكر بن عبد الله المزنيّ، أن أنس بن مالك حدّثهم "أن الخمر حُرِّمت، والخمر يومئذ البسر والتمر". وأخرجه الإسماعيلي من طريق رَوْح بن عُبادة، عن سعيد بن عبيد الله بهذا السند مطولًا، ولفظه: "عن أنس: نزل تحريم الخمر، فدخلت على أناس من أصحابي، وهي بين أيديهم، فضربتها برجلي، فقلت: انطلقوا فقد نزل تحريم الخمر، وشرابهم يومئذ البسر والتمر"، وهذا الفعل من أنس - رضي الله عنه - كأنه بعد أن خرج، فسمع النداء بتحريم الخمر، فرجع فأخبرهم.

ووقع عند ابن أبي عاصم، من وجه آخر، عن أنس: "فأراقوا الشراب، وتوضأ بعض، واغتسل بعض، وأصابوا من طيب أم سليم، وأتوا النبيّ - صلى الله عليه وسلم -؛ فإذا هو يقرأ: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} الآية".

وهذا من أقوى الحجج على أن الخمر اسم جنس لكل ما يُسكر، سواء كان من العنب، أو من نقيع الزبيب، أو التمر، أو العسل، أو غيرها، وأما دعوى بعضهم أن الخمر حقيقةٌ في ماء العنب، مجازٌ في غيره، فإن سُلِّم في اللغة لزم من قال به جواز استعمال اللفظ الواحد في حقيقته ومجازه، والكوفيون لا يقولون بذلك، وأما من حيث الشرع فالخمر حقيقة في الجميع؛ لثبوت حديث: "كلُّ مسكر خمر"، فمن زعم أنه جَمَع بين الحقيقة والمجاز في هذا اللفظ لزمه أن يجيزه، وهذا ما لا انفكاك لهم عنه، أفاده في "الفتح" (١)، والله تعالى أعلم.

والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى تمام البحث فيه، ولله الحمد.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف رحمه الله أوّل الكتاب قال:

[٥١٢٦] ( … ) - (حَدَّثنَا مُحَمَّدُ بْنُ عبد الأَعْلَى، حَدَّثنَا الْمُعْتَمِرُ، عَنْ أَبِيه، قَالَ: قَالَ أنسٌ: كُنْتُ قَائِمًا عَلَى الْحَيِّ أَسْقِيهِمْ، بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ عُلَيَّةَ، غَيْرَ أنَّهُ قَالَ: فَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أنسٍ: كَانَ خَمْرَهُمْ يَوْمَئِذٍ، وَأنَسٌ شَاهِدٌ، فَلَمْ يُنْكِرْ أنسٌ ذَاكَ، وَقَالَ ابْنُ عبد الأَعْلَى: حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ، عَنْ أَبِيه، قَالَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ مَنْ كَانَ مَعِي، أَنَّهُ سَمِعَ أنَسًا يَقُولُ: كَانَ خَمْرَهُمْ يَوْمَئِذٍ).


(١) "الفتح" ١٢/ ٦٠٢، كتاب "الأشربة".