للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

المائدة: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} إلى آخرها [المائدة: ٩٠]، فأراد عمر التنبيه على أن المراد بالخمر في هذه الآية ليس خاصًّا بالمتخذ من العنب، بل يتناول المتخذ من غيرها، ويوافقه حديث أنس المذكور في الباب، فإنه يدلّ على أن الصحابة فَهِموا من تحريم الخمر تحريم كل مسكر، سواء كان من العنب أم من غيرها، وقد جاء هذا الذي قاله عمر، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - صريحًا، فأخرج أصحاب "السنن" الأربعة، وصححه ابن حبان من وجهين، عن الشعبيّ، أن النعمان بن بشير، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن الخمر من العصير، والزبيب، والتمر، والحنطة، والشعير، والذّرَة (١)، وإني أنهاكم عن كل مسكر"، لفظ أبي داود، وكذا ابن حبان، وزاد فيه أن النعمان خطب الناس بالكوفة، ولأبي داود من وجه آخر عن الشعبيّ، عن النعمان، بلفظ: "إن من العنب خمرًا، وأن من التمر خمرًا، وإن من العسل خمرًا، وإن من البُرّ خمرًا، وإن من الشعير خمرًا"، ومن هذا الوجه أخرجها أصحاب "السنن"، والتي قبلها فيها الزبيب دون العسل.

ولأحمد من حديث أنس بسند صحيح عنه قال: "الخمر من العنب، والتمر، والعسل".

ولأحمد من حديث أنس بسند صحيح عنه قال: "الخمر من العنب، والتمر، والعسل، والحنطة، والشعير، والذرة"، أخرجه أبو يعلى من هذا الوجه، بلفظ: "حُرِّمت الخمر يوم حُرِّمت، وهي … "، فذكرها، وزاد الذرة.

وأخرج الخلعيّ في "فوائده" من طريق خلاد بن السائب عن أبيه، رَفَعه مثل الرواية الثانية، لكن ذكر الزبيب بدل الشعير، وسنده لا بأس به، ويوافق ذلك ما عند البخاريّ في "التفسير" من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -: "نزل تحريم الخمر، وإن بالمدينة يومئذ لخمسةَ أشربة، ما فيها شراب العنب".

وقوله: "والخمر ما خامر العقل"؛ أي: غَطّاه، أو خالطه فلم يتركه على حاله، وهو من مجاز التشبيه، والعقلُ هو آلة التمييز، فلذلك حُرِّم ما غطّاه، أو غَيَّره؛ لأن بذلك يزول الإدراك الذي طلبه الله من عباده ليقوموا بحقوقه، قال


(١) "الذُّرَة" بضم المعجمة، وتخفيف الراء: من الحبوب معروفة.