للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

العادة، قال المازريّ: هذا الاستدلال آكد من كل ما يُسْتَدلّ به في هذه المسألة.

قال: ولنا في الاستدلال طريق آخر، وهو أن نقول: إذا شرب سُلافة العنب عند اعتصارها، وهي حُلْوة لم تُسكر فهي حلال بالإجماع، وإن اشتدت، وأسكرت حرمت بالإجماع، فإن تخللت من غير تخليل آدميّ حلت، فنظرنا إلى مستبدل هذه الأحكام، وتجددها عند تجدد الصفات، وتبدلها، فأشعرنا ذلك بارتباط هذه الأحكام بهذه الصفة، وقام ذلك مقام التصريح بذلك بالنطق، فوجب جعل الجميع سواء في الحكم، وأن الإسكار هو علة التحريم، هذه إحدى الطريقتين في الاستدلال لمذهب الجمهور.

والثانية الأحاديث الصحيحة الكثيرة التي ذكرها مسلم وغيره، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "كلُّ مسكر حرام"، وقوله: "نَهَى عن كلّ مسكر"، وحديث: "كلُّ مسكر خمر"، وحديث ابن عمر - رضي الله عنهما - الذي ذَكَره مسلم هنا في آخر "كتاب الأشربة": أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "كلُّ مسكر خمر، وكل مسكر حرام"، وفي رواية له: "كلّ مسكر خمر، وكل خمر حرام"، وحديث النهي عن كل مسكر أسكر عن الصلاة، والله أعلم. انتهى كلام النووي رحمه الله (١).

وقال الإمام البخاريّ رحمه الله: "باب ما جاء في أن الخمر ما خامر العقل من الشراب".

ثم أخرج بسنده، عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: خطب عمر على منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "إنه قد نزل تحريم الخمر، وهي من خمسة أشياء: العنب، والتمر، والحنطة، والشعير، والعسل، والخمر ما خامر العقل … " الحديث.

قال في "الفتح": هذا الحديث أورده أصحاب المسانيد، والأبواب في الأحاديث المرفوعة؛ لأن له عندهم حكم الرفع؛ لأنه خبر صحابيّ شهد التنزيل أخبر عن سبب نزولها، وقد خطب به عمر على المنبر بحضرة كبار الصحابة وغيرهم، فلم يُنقل عن أحد منهم إنكاره، وأراد عمر بنزول تحريم الخمر آية


(١) "شرح النوويّ" ١٢/ ١٤٨ - ١٤٩.