للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقال السنديّ: الْمَنشَطُ، والْمَكْره: مَفْعلٌ بفتح الميم والعين، من النشاط، والكراهة، وهما مصدران؛ أي: في حالة النشاط والكراهة؛ أي: حالة انشراح صدورنا، وطيب قلوبنا، وما يُضادّ ذلك، أو اسما زمان، والمعنى واضح، أو اسما مكان؛ أي: فيما فيه نشاطهم، وكراهتهم، كذا قيل، ولا يخفى أن ما ذكره من المعنى على تقدير كونهما اسمَي مكان مجازيّ، وكذا قال بعضهم: كونهما اسمَيْ مكان بعيد. انتهى (١).

(وَعَلَى أَثَرَةٍ عَلَيْنَا) - بفتح الهمزة، والمثلّثة -؛ أي: تفضيل غيرنا علينا في الفيء، أو في غيره. والمراد: أن طواعيتهم لمن يتولّى عليهم لا تتوقّف على إيصالهم حقوقهم إليهم، بل عليهم الطاعة، ولو منعوهم حقّهم.

(وَعَلَى أنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ)؛ أي: وبايعناه أيضًا على أنَّ لا ننازع الأمر؛ أي: الملك والإمارة، أو كلّ الأمور، (أَهْلَهُ) الضمير للأمر؛ أي: إذا وُكل الأمر إلى من هو أهلٌ له، فليس لنا أن نجرّه إلى غيره، سواء كان ذلك الغير أهلًا، أم غير أهل، زاد في رواية أحمد: "وإن رأيت أن لك"؛ أي: وإن اعتقدتَ أن لك في الأمر حقًّا، فلا تعمل بذلك الظنّ، بل اسمع، وأطع إلى أن يَصِل إليك بغير خروج عن الطاعة، وزاد في رواية عند ابن حبّان وأحمد: "وإن أكلوا مالك، وضربوا ظهرك".

(وَأَنْ نَقُولَ) باللام في رواية مسلم، وفي رواية للبخاريّ: "وأن نقوم" بالميم، (بِالْحَقِّ)؛ أي: بإظهاره، وتبليغه للناس (أَيْنَمَا كُنَّا)؛ أي: في موضع وُجدنا، (لا نَخَافُ لَوْمَةَ لَائِمٍ)؛ أي: لا نترك قول الحقّ لأجل خوف ملامة اللائمين علينا.

وقال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: معناه: نأمر بالمعروف، وننهى عن المنكر في كلّ زمان ومكان، الكبار والصغار، لا نُداهن فيه أحدًا، ولا نخافه، ولا نلتفت إلى اللائمين. انتهى (٢)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.


(١) "شرح السنديّ على النسائيّ" ٧/ ١٣٨.
(٢) "شرح النوويّ" ١٢/ ٢٣٠.