للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

على ذلك اسم البيع، والمبايعة، والشراء، كما قال تعالى {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} إلى أن قال: {فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ} الآية [التوبة: ١١١]، وعلى نحوٍ من هذا قال النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لصهيب: "ربِحَ البيع أبا يحيى" (١)، وكانت قريش تبعته لتردّه عن هجرته، فبذل لهم ماله في تخليص نفسه ابتغاء ثواب الله تعالى، فسمّاه النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بيعًا، وهذا أحسن ما قيل في المبايعة.

[تنبيه آخر]: كانت تلك المبايعة ليلة العقبة، كما قاله في "الفتح"، قال أبو العبّاس القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: هذه البيعة تُسمَّى بيعة الأمراء، وسُمِّيت بذلك؛ لأنَّ المقصود بها تأكيد السمع والطاعة على الأمراء، وقد كان عبادة - رضي الله عنه - بايع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بيعة النساء، وسمّيت بذلك؛ لأنه لَمْ يكن فيها ذِكْر حرب، ولا قتال، وقد بايع النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أصحابه بيعة الرضوان، وسمّيت بذلك لقول الله تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} الآية [الفتح: ١٨]. انتهى (٢).

(عَلَى السَّمْع، وَالطَّاعَةِ) متعلّق بـ "بايعنا"، و"على" بمعنى اللام، أو بتضمين "بايعنا" معنى العهد؛ أي: عاهدناه على أنَّ نسمع كلامه، ونطيع أمره، وكذا من يقوم بعده مقامه من الخلفاء. (فِي الْيُسْرِ وَالْعُسْرِ) وفي رواية إسماعيل بن عُبيد عند أحمد: "وعلى النفقة في العسر واليسر"، (وَالْمَنْشَطِ) بفتح الميم، والمعجمة، وسكون النون بينهما؛ أي: في حالة نشاطنا. (وَالْمَكْرَهِ) بضبط ما قبله؛ أي: في الحالة التي نكون فيها عاجزين عن العمل بما نؤمر به، ونقل ابن التين عن الداوديّ أن المراد: الأشياء التي يكرهونها، قال ابن التين: والظاهر أنه أراد في وقت الكسل والمشقّة في الخروج؛ ليطابق قوله: "في المنشط"، ويؤيِّده ما وقع في رواية إسماعيل بن عُبيد بن رفاعة، عن عبادة، عند أحمد: "في النشاط والكسل"، قاله في "الفتح".


(١) رواه الحاكم في "المستدرك" (٣/ ٣٩٨) وقال: صحيح على شرط مسلم، وأقرّه الذهبيّ.
(٢) "المفهم" ٤/ ٤٤ - ٤٥.