للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فَعْلات، ساكن العين أيضًا، إن كان معتلّ العين، نحو: {تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (٢٢)} [الشورى: ٢٢]، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٥٨)} [النور: ٥٨]، هذا لغة عامة العرب، وتفتحها هُذَيلٌ إتباعًا للفاء.

ثم تُطلق البيعة على المبايعة، والطاعة، وهو المراد هنا.

قال في "الفتح": المبايعة: عبارة عن المعاهدة، سُمّيت بذلك تشبيهًا لها بالمعاوضة الماليّة، كما في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} الآية [التوبة: ١١١]. انتهى.

وقال في "النهاية" ما معناه: المبايعة على الإسلام: عبارة عن المعاقدة عليه، والمعاهدة، كأن كلّ واحد منهما باع ما عنده من صاحبه، وأعطاه خالصة نفسه، وطاعته، ودَخِيلةَ أمره. انتهى.

وقال القاضي عياض - رَحِمَهُ اللهُ - ما حاصله: اختُلف في اشتقاق البيعة، فقيل: أصله من البيع؛ لأنَّ المتبايعين يمُدّ كلّ واحد منهما يده إلى صاحبه، ولمّا كان الأمراء عند التوثيق بمن يأخذون عليه العهد، يأخذون بيده، شُبّه بذلك، فسُمّيت مبايعةً، وقيل: بل كانوا يضربون بأيدي بعضهم على بعض عند التبايع، ولهذا سمّيت صفقةً؛ لِصَفْق الأيدي عندها، فسُمّيت بها، وقيل: بل سُمّيت مبايعة؛ لِمَا فيها من المعاوضة، تشبيهًا بالبيع أيضًا؛ لِمَا وعدهم الله من الجزاء، والثواب على الإسلام، وطاعة الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} الآية [التوبة: ١١١]. انتهى كلام القاضي عياض - رَحِمَهُ اللهُ -.

وقال أبو العبّاس القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: البيعة مأخوذة من البيع، وذلك أن المبايع للإمام يلتزم أن يقيه بنفسه وماله، فكأنه قد بذل نفسه، وماله لله تعالى، وقد وعده الله تعالى على ذلك بالجنّة، فكأنه قد حصلت له المعاوضة، فصدق