للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقال في "العمدة": وذكر عياض أنه أجمع العلماء على وجوب طاعة الإمام في غير معصية، وتحريمها في المعصية.

وقال ابن بطال: احتَجّ بهذا الحديث الخوارج، فرأوا الخروج على أئمة الجَوْر، والقيام عليهم عند ظهور جورهم، والذي عليه الجمهور أنه لا يجب القيام عليهم عند ظهور جورهم، ولا خلعهم إلَّا بكفرهم بعد إيمانهم، أو تركهم إقامة الصلوات، وأما دون ذلك من الجور فلا يجوز الخروج عليهم، إذا استوطن أمْرهم، وأمْر الناس معهم؛ لأنَّ في ترك الخروج عليهم تحصين الفروج والأموال، وحقن الدماء، وفي القيام عليهم تفرّق الكلمة، ولذلك لا يجوز القتال معهم لمن خرج عليهم عن ظلم ظَهَر منهم.

وقال ابن التين: فأما ما يأمر به السلطان من العقوبات، فهل يسع المأمور به أن يفعل ذلك من غير ثَبَتٍ، أو عِلم يكون عنده بوجوبها؟ قال مالك: إذا كان الإمام عدلًا، كعمر بن الخطاب، أو عمر بن العزيز - رضي الله عنهما - لَمْ تَسَعْ مخالفته، وإن لَمْ يكن كذلك، وثبت عنده الفعل جاز، وقال أبو حنيفة وصاحباه: ما أمر به الوُلاة من ذلك غيرهم يسعهم أن يفعلوه، فيما كان ولايتهم إليه، وفي رواية عن محمد: لا يسع المأمور أن يفعله، حتى يكون الآمر عدلًا، وحتى يشهد بذلك عنده عدل سواه، إلَّا في الزنا فلا بدّ من ثلاثة سواه، وروي نحو الأول عن الشعبيِّ - رَحِمَهُ اللهُ - (١).

قال الجامع عفا الله عنه: عندي أن ما ذهب إليه الإمام مالك - رَحِمَهُ اللهُ - في تفصيله المتقدّم أرجح.

وحاصله أنه إن كان الإمام عدلًا لَمْ تَسَع مخالفته، وإلا فإن ثبت عند المأمور ذلك الأمر وَسِعه، وإلا فلا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

وبالسند المتّصل إلى المؤلِّف - رَحِمَهُ اللهُ - أوّل الكتاب قال:

[٤٧٥٥] ( … ) - (وَحَدَّثَنَاهُ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى، وَهُوَ الْقَطَّانُ (ح) وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، كِلَاهُمَا عَنْ عُبَيْدِ الله، بِهَذَا الإِسْنَاد، مِثْلَهُ).


(١) "عمدة القاري" ١٤/ ٢٢١.