للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

(فَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الْوُجُوهِ كُلِّهَا) بالجرّ توكيدًا للضمير المجرور، وقوله: (إِلَيَّ) متعلّق بـ"أحبّ"، (وَاللهِ مَا كَانَ مِنْ دِينٍ) "من" زائدة، و"دين" اسم "كان"، وخبرها قوله: (أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ دِينِكَ، فَأَصْبَحَ دِينُكَ أَحَبَّ الدِّينِ كُلِّهِ إِلَيَّ، وَاللهِ مَا كَانَ مِنْ بَلَدٍ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ بَلَدِكَ، فَأَصْبَحَ بَلَدُكَ أَحَبَّ الْبِلَادِ كُلِّهَا إِلَيَّ)، وهذا من ثمامة - رضي الله عنه - إخبار لحالته التي هو عليها بعد هداية الله - عَزَّ وَجَلَّ - له إلى الإسلام، فقد انقلبت العداوة إلى الصداقة، والبغض إلى المحبّة سبحان من بيده قلوب عباده، يصرّفها كيف يشاء، اللهم يا مقلّب القلوب ثبّت قلوبنا على دينك، اللهم يا مصرّف القلوب صرّف قلوبنا على طاعتك، إنك سميع قريب مجيب آمين.

(وَإِنَّ خَيْلَكَ)؛ أي: فُرسانك، والمراد به: السريّة التي بعثها النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قِبَل نجد، كما تقدّم في أول الحديث.

وقال ابن منظور - رَحِمَهُ اللهُ -: والخَيْل: الفُرْسان، وفي "المحكم": جماعة الأَفراس، لا واحد له من لفظه، قال أَبو عبيدة: واحدها خائل؛ لأَنه يَخْتال في مِشْيَتِه، قال ابن سِيدَهْ: وليس هذا بمعروف، وفي التنزيل العزيز: {وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ} [الإسراء: ٦٤]؛ كما أي: بفُرْسانك، ورَجَّالتك، والخَيْل: الخُيول، وفي التنزيل العزيز: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا} [النحل: ٨]، وفي الحديث: "يا خَيْلَ الله ارْكَبي"، قال ابن الأَثير: هذا على حذف المضاف: أَراد: يا فُرْسانَ خَيْلِ الله اركبي، وهذا من أَحسن المجازات، وأَلطفها. انتهى (١).

(أَخَذَتْنِي)؛ أي: أسرتني، (وَأَنَا أُرِيدُ الْعُمْرَةَ) جملة في محلّ نصب على الحال (فَمَاذَا تَرَى؟)؛ أي: في شأني في هذه العمرة التي أنشأتها قبل أن أسلم، هل صحيحة، فأمضي فيها، أم غير صحيحة، فأرفضها؟ (فَبَشَّرَهُ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -)؛ أي: بخيري الدنيا والآخرة أو بشّره بالجنة، أو بمحو ذنوبه وتبعاته السابقة، قاله في "الفتح" (٢).

وقال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: يعني: بَشّره بما حَصَل له من الخير العظيم


(١) "لسان العرب" ١١/ ٢٢٦.
(٢) "الفتح" ٩/ ٥٢٠، كتاب "المغازي" رقم (٤٣٧٢).