للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

يغتسل، فاغتسل، وصلى ركعتين، فقال: "لقد حَسُن إسلام أخيكم"، وبهذا اللفظ أخرجه أيضًا ابن حبان في "صحيحه"، وأخرجه البزّار أيضًا بهذه الطريق، وفيه: فأمره النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يغتسل بماء وسدر، وفي بعض الروايات: أن ثمامة ذهب إلى المصانع، فغسل ثيابه، واغتسل، وفي "تاريخ الْبَرْقيّ": فأمره أن يقوم بين أبي بكر وعمر، فيعلّمانه. انتهى (١).

(فَاغْتَسَلَ) ظاهره أنه فعل ذلك من غير أمر النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لكن الروايات المتقدّمة تدلّ على أنَّ اغتساله بأمره - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

(ثُمَّ) بعد اغتساله (دَخَلَ الْمَسْجِدَ) النبويّ (فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، يَا مُحَمَّدُ) ناداه باسمه؛ لكونه لا يعلم النهي عن ذلك، أو أنه كان قبل النهي، (وَاللهِ مَا كَانَ عَلَى الأَرْضِ وَجْهٌ) مرفوع على أنَّه اسم "كان"، والجارّ والمجرور قبله صفة مقدّمة على موصوف نكرة، فيُعرب حالًا، بناء على القاعدة في نعت النكرة إذا قُدّم يُعرب حالًا، كما في قوله [من مجزوّ الرمل]:

لِمَيَّةَ مُوحِشًا طَلَلُ … يَلُوحُ كَأَنَّهُ خِلَلُ

وقوله: (أَبْغَضَ) منصوب على أنَّه خبرها، (إِلَيَّ مِنْ وَجْهِكَ) متعلّق بـ"أبغض"، وهذا إخبار منه بما كان عليه من عداوة النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

[تنبيه]: قال الطيبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: وُجد قوله: "أبغضُ" بالرفع على أنَّه صفة "وجهٌ"، وهو اسم"كان"، و"على وجه الأرض" خبرها، وهذا ليس بصحيح؛ لأنَّ قوله: "أحبَّ الوجوه" خبر "أصبح" قطعًا، وقد قوبل به، ولأن "أبغض" في القرينتين الأخيرتين وقع خبرًا لـ"كان"، ولأنه أخبر عن الوجه بالأبغضيّة، لا أن وجهًا أبغض كائنًا على وجه الأرض، فإذا قلنا بجواز وقوع الحال عن اسم "كان"، فقوله: "على وجه الأرض" كان صفةً لقوله: "وجهٌ"، فقُدّم، فصار حالا، وإذا منعناه، قلنا: إنه ظرف لغوٌ، قُدّم للاهتمام؛ ليُؤذِن في بدء الحال باهتمام العموم والشمول، كما في قوله تعالى: {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ} الآية [الزمر: ٦٧]. انتهى (٢).


(١) "عمدة القاري" ٧/ ١٢٠.
(٢) راجع: "الكاشف عن حقائق السنن" ٩/ ٢٧٤١.