للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"الفتح": وهو الأشهر، وبه يستقيم المعنى، حتى لا يعارض حديث عائشة وغيرها أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يترك مالًا يورث عنه، قال: وتوجيه رواية النهي أنه لَمْ يَقطع بأنه لا يَخْلُف شيئًا، بل كان ذلك مُحْتَمِلًا، فنهاهم عن قسمة ما يُخَلِّف إن اتفق أنه خَلّف. انتهى (١).

وقال في موضع آخر: قوله: "لا يقتسم" كذا لأبي ذرّ، عن غير الكشميهنيّ، وللباقين: "لا يَقْسِم" بحذف التاء الثانية، قال ابن التين: الرواية في "الموطأ"، وكذا قرأته في البخاريّ برفع الميم، على أنَّه خبر، والمعنى: ليس يقسم، ورواه بعضهم بالجزم، كأنه نهاهم إن خَلَّف شيئًا لا يقسم بعده، فلا تعارض بين هذا وبين حديث عمرو بن الحارث الخزاعيّ: "ما ترك رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دينارًا، ولا درهمًا"، ويَحْتَمِل أن يكون الخبر بمعنى النهي، فيتحد معنى الروايتين، ويستفاد من رواية الرفع أنه أخبر أنه لا يُخَلِّف شيئًا، مما جرت العادة بقسمته؛ كالذهب، والفضة، وأن الذي يُخلِّفه من غيرهما لا يُقسَم أيضًا بطريق الإرث، بل تقسم منافعه لمن ذَكَرَ. انتهى (٢).

(وَرَثَتِي)؛ أي: بالقة، لو كنت ممن يورث، أو المراد: لا يُقْسَم مالٌ تركه لجهة الإرث، فأتى بلفظ: "ورثتي"؛ ليكون الحكم مُعَلَّلًا بما به الاشتقاق، وهو الإرث، فالمنفي اقتسامهم بالارث عنه، قاله السبكي الكبير، ذكره في "الفتح" (٣).

وقال في موضع آخر: سمّاهم ورثةً باعتبار أنهم كذلك بالقوّة، لكن منعهم من الميراث الدليل الشرعيّ، وهو قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لا نورث، ما تركنا صدقةٌ" (٤).

وقوله: (دِيِنَارًا) منصوب على المفعوليّة لـ"يقتسم"، قال في "الفتح": قوله في هذه الرواية: "دينارًا" كذا وقع في رواية مالك، عن أبي الزناد، في


(١) "الفتح" ٧/ ٢٤، كتاب "الوصايا" رقم (٢٧٧٦).
(٢) "الفتح" ١٥/ ٤٢٤ - ٤٢٥، كتاب "الفرائض" رقم (٦٧٢٩).
(٣) "الفتح" ١٥/ ٤٢٥، كتاب "الفرائض" رقم (٦٧٢٩).
(٤) "الفتح" ٧/ ٢٤، كتاب "الوصايا" رقم (٢٧٧٦).