وقوله: (كَانَتَا لِحُقُوقِهِ الَّتِي تَعْرُوهُ، وَنَوَائِبِهِ) قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: معناه: ما يطرأ عليه من الحقوق الواجبة والمندوبة، ويقال: عروته، واعتريته، وعررته، واعتررته: إذا أتيته تطلب منه حاجة. انتهى (١).
وقوله: (قَالَ: فَهُمَا عَلَى ذَلِكَ إِلَى الْيَوْمِ) هذا من كلام الزهريّ - رَحِمَهُ اللهُ -؛ يعني: إلى يوم حدّث بهذا الحديث.
والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى تمام شرحه، وبيان مسائله قبل حديث، ولله الحمد والمنّة.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رَحِمَهُ اللهُ - أوّل الكتاب قال:
[٤٥٧٣] (١٧٦٠) - (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَاد، عَنِ الأَعْرَج، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "لَا يَقْتَسِمُ وَرَثَتِي دِيِنَارًا، مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِي، وَمَئُونَةِ عَامِلِي، فَهُوَ صَدَقَةٌ").
رجال هذا الإسناد: خمسة:
١ - (أَبُو الزِّنَادِ) عبد الله بن ذكون المدنيّ، تقدّم قريبًا.
٢ - (الأَعْرَجُ) عبد الرَّحمن بن هرمز المدنيّ، تقدّم أيضًا قريبًا.
٣ - (أَبُو هُرَيْرَةَ) - رضي الله عنه - تقدّم في الباب الماضي.
والباقيان ذُكرا أول الباب.
[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد:
أنه أصحّ أسانيد أبي هريرة - رضي الله عنه - على ما رُوي عن البخاريّ - رَحِمَهُ اللهُ -، وفيه رواية تابعيّ، عن تابعيّ، وهو مسلسل بالمدنيين، وشيخه، وإن كان نيسابوريًّا إلَّا أنه دخل المدينة للأخذ عن مالك، وفيه أبو هريرة - رضي الله عنه - أحفظ من روى الحديث في دهره، روى (٥٣٧٤) حديثًا.
شرح الحديث:
(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) - رضي الله عنه - (أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "لَا يَقْتَسِمُ) "لا" ناهية، والفعل بعدها مجزوم، ويَحْتَمِل أن تكون نافية، والفعل مرفوع، قال في
(١) "شرح النوويّ" ١٢/ ٨١.