للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"الصحيحين"، فقيل: هو تنبيه بالأدنى على الأعلى، وأخرجه مسلم من رواية سفيان بن عيينة، عن أبي الزناد، بلفظ: "دينارًا، ولا درهمًا"، وهي زيادة حسنة، وتابعه عليها سفيان الثوريّ، عن أبي الزناد، عند الترمذيّ في "الشمائل"، واستُدِلّ به على أجرة القسام. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: عَزْوُه رواية ابن عيينة بلفظ: "دينارًا، ولا درهمًا" إلى مسلم غير صحيح، فإنه ما ساق هذا اللفظ، وإنما ساق سنده، ثم أحاله على رواية مالك، كما هو واضح من الرواية التالية، ولفظ مالك ليس فيه إلَّا قوله: "دينارًا" فقط، كما هو سانبّه عليه في التنبيه الآتي - إن شاء الله تعالى -.

وأما رواية ابن عيينة التي فيها ما ذُكِرَ: أخرجها الإمام أحمد - رَحِمَهُ اللهُ - في "مسنده"، فقال:

(٧٣٠١) - حدّثنا سفيان، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، يبلغ به، وقال مرّة: قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لا تقتسم ورثتي دينارًا، ولا درهمًا، ما تركت بعد نفقة نسائي، ومؤونة عاملي، فهو صدقة". انتهى (٢).

وقال ابن عبد البرّ - رَحِمَهُ اللهُ -: الرواية في هذا الحديث: "يقتسم" برفع الميم على الخبر؛ أي: ليس يقتسم ورثتي دينارًا؛ لأني لا أخلِّف دينارًا، ولا درهمًا، ولا شاةً، ولا بعيرًا، وهذا معنى حديث مسروق، عن عائشة - رضي الله عنها -، وأن ما تخلف عقارًا تُجرى غلته على نسائه، بعد مئونة عامله، قال: وهكذا قال يحيى: "دنانير"، وتابعه ابن كنانة، وأما سائر رواة "الموطأ"، فيقولون: "دينارًا"، وهو الصواب؛ لأنَّ الواحد في هذا الموضع أهم عند أهل اللغة؛ لأنه يقتضي الجنس، والقليل، والكثير، وممن قال: "دينارًا" من أصحاب مالك: ابنُ القاسم، وابن وهب، وابن نافع، وابن بكير، والقعنبيّ، وأبو مصعب، ومطرّف، وهو المحفوظ في هذا الحديث، وكذلك قال ورقاء بن عمر، عن أبي الزناد، بإسناده، وقال ابن عيينة، عن أبي الزناد بهذا الإسناد: "لا يقتسم ورثتي بعدي ميراثي، ما تركت بعد نفقة نسائي، ومئونة عاملي، فهو


(١) "الفتح" ٧/ ٣٦٣ - ٣٦٤، كتاب "فرض الخمس" رقم (٣٠٩٦).
(٢) "مسند الإمام أحمد بن حنبل - رَحِمَهُ اللهُ -" ٢/ ٢٤٢.