للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال أبو بكر الخوارزميّ البرقانيّ بعد قوله: "ثم بيد عليّ بن حسين، ثم بيد الحسن بن الحسن، ثم بيد زيد بن الحسن - قال معمر -: ثم بيد عبد الله بن الحسن": ثم وليها بنو العباس. انتهى (١).

وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "فغلبه عليّ عليها"؛ يعني: على الولاية عليها، والقيام بها، وكأن العبّاس رأى عليًّا أقوى عليها، وأضلع بها، فلم يعرض له بسببها، فعبّر الراوي عن هذا بالغلبة، قال: وفيه بُعد. انتهى (٢).

وقوله: (وَأَمَّا خَيْبَرُ)؛ أي: الذي كان يخصّ النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - منها.

وقوله: (فَأَمْسَكَهُمَا عُمَرُ)؛ أي: لَمْ يدفعها لغيره، وبَيَّن سبب ذلك بقوله: "هما صدقة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - … إلخ"، قال في "الفتح": وقد ظهر بهذا أن صدقة النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بما كان من بني النضير، وأما سهمه من خيبر وفدك فكان حكمه إلى من يقوم بالأمر بعده، وكان أبو بكر - رضي الله عنه - يُقَدِّم نفقة نساء النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وغيرها، مما كان يصرفه، فيصرفه من خيبر، وفدك، وما فضل من ذلك جعله في المصالح، وعمل عمر - رضي الله عنه - بعده بذلك، فلما كان عثمان تصرّف في فدك بحسب ما رآه، فرَوَى أبو داود، من طريق مغيرة بن مِقْسَم، قال: جَمَعَ عمر بن عبد العزيز بني مروان، فقال: إن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان ينفق من فدك علي بني هاشم، ويزوّج أَيِّمهم، وأن فاطمة سألته أن يجعلها لها، فأبي، وكانت كذلك في حياة النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأبي بكر، وعمر، ثم أقطعها مروان؛ يعني: في أيام عثمان.

قال الخطابيّ: إنما أقطع عثمان فدك لمروان؛ لأنه تأول أن الذي يختص بالنبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يكون للخليفة بعده، فاستغنى عثمان عنها بأمواله، فوصل بها بعض قرابته.

ويشهد لصنيع أبي بكر حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - المرفوع الآتي بعد هذا بلفظ: "ما تركت بعد نفقة نسائي، ومؤنة عاملي، فهو صدقة"، فقد عَمِل أبو بكر وعمر بتفصيل ذلك بالدليل الذي قام لهما. انتهى (٣).


(١) راجع: "مشارق الأنوار" ٢/ ٤٠٤.
(٢) "المفهم" ٣/ ٥٧١.
(٣) "الفتح" ٧/ ٣٥٤، كتاب "فرض الخمس" رقم (٣٠٩٢).