لم يذكر هنا من الأربع إلا هذه الواحدة - يعني: قصّة السيف - وقد ذكر مسلم الأربع بعد هذا في "كتاب الفضائل"، وهي برّ الوالدين، وتحريم الخمر، {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ}[الأنعام: ٥٢]، وآية الأنفال. انتهى (١).
قال الجامع عفا الله عنه: قال الإمام مسلم رحمه اللهُ في "كتاب فضائل أصحاب النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ":
(١٧٤٨) - حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وزهير بن حرب، قالا: حدّثنا الحسن بن موسى، حدّثنا زهير، حدّثنا سماك بن حرب، حدّثني مصعب بن سعد، عن أبيه، أنه نزلت فيه آيات من القرآن. قال: حَلَفَتْ أمُّ سعد أن لا تكلمه أبدًا حتى يكفر بدينه، ولا تأكل، ولا تشرب، قالت: زعمتَ أن الله وصاك بوالديك، وأنا أمك، وأنا آمرك بهذا، قال: مكثَتْ ثلاثًا حتى غُشي عليها من الْجَهْد، فقام ابن لها يقال له: عمارة، فسقاها، فجعلت تدعو على سعد، فأنزل الله في القرآن هذه الآية:{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا}، {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي} وفيها: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}[لقمان: ١٤، ١٥]، قال: وأصاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غنيمة عظيمة، فإذا فيها سيف، فأخذته، فأتيت به الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: نَفِّلني هذا السيف، فأنا مَن قد عَلِمْتَ حاله، فقال:"رُدَّه من حيث أخذته"، فانطلقت حتى إذا أردت أن ألقيه في الْقَبَض لامتني نفسي، فرجعت إليه، فقلت: أعطنيه، قال: فَشَدّ لي صوته: "رُدّه من حيث أخذته"، قال فأنزل الله عزَّ وجلَّ:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ}، قال: ومَرِضتُ، فأرسلت إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فأتاني، فقلت: دعني أقسم مالي حيث شئت، قال: فأبى، قلت: فالنصف، قال: فأبى، قلت: فالثلث، قال: فسكت، فكان بعدُ الثلثُ جائزًا، قال: وأتيت على نفر من الأنصار والمهاجرين، فقالوا: تعال نطعمك، ونسقيك خمرًا، وذلك قبل أن تُحَرَّم الخمر. قال: فأتيتهم، في حَشّ - والحش: البستان - فإذا رأس جَزور مشويّ عندهم، وزِقّ من خمر. قال: فأكلت، وشربت معهم. قال: فذُكرت الأنصارُ والمهاجرون عندهم، فقلت: المهاجرون خير من الأنصار. قال: فأخذ رجل أحد لحيي الرأس، فضربني به، فجَرَح بأنفي،