ثم قال أبو عبيد: ولهذا سُمِّي ما جَعَل الإمام للمقاتلة نَفَلًا، وهو تفضيله بعض الجيش على بعض بشيء سوى سهامهم، يفعل ذلك بهم على قدر الغَنَاء عن الإسلام والنكاية في العدو. انتهى (١).
قال الجامع عفا الله عنه: الأرجح عندي - كما تقدّم عن أبي العبّاس القرطبيّ رحمه اللهُ - أن الأنفال المذكورة في الآية هي ما ينفّله الإمام من الخمس بدليل قوله تعالى:{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} الآية، فبهذا تُجمع الآيتان من غير دعوى النسخ، فتبصّر، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
وبالسند المتّصل إلى المؤلف رَحمه اللهُ أوّل الكتاب قال:
[٤٥٤٧]( … ) - (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ - وَاللَّفْظُ لِابْنِ الْمُثَنَّى - قَالَا: حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيه، قَالَ: نَزَلَتْ فِيَّ أَرْبَعُ آياتٍ، أَصَبْتُ سَيْفًا، فَأَتَى بِهِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ نَفِّلْنِيه، فَقَالَ:"ضَعْهُ"، ثُمَّ قَامَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "ضَعْهُ مِنْ حَيْثُ أَخَذْتَهُ"، ثُمَّ قَامَ، فَقَالَ: نَفِّلْنِيهِ يَا رَسُولَ الله، فَقَالَ:"ضَعْهُ"، فَقَامَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ نَفِّلْنِيه، أَأُجْعَلُ كَمَنْ لَا غَنَاءَ لَهُ؟ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "ضَعْهُ مِنْ حَيْثُ أَخَذْتَهَ"، قَالَ: فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ}).
رجال هذا الإسناد: سبعة:
١ - (مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى) تقدّم قريبًا.
٢ - (ابْنُ بَشَّارٍ) محمد المعروف ببندار، تقدّم أيضًا قريبًا.
٣ - (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) المعروف بغُندر، تقدّم أيضًا قريبًا.
٤ - (شُعْبَةُ) بن الحجّاج، تقدّم أيضًا قريبًا.
والباقون ذُكروا قبله.
وقوله:(نَزَلَتْ فِيَّ أَرْبَعُ آيَاتٍ)؛ أي: من القرآن الكريم، قال النوويّ رحمه الله: