للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأخبرته، فأنزل الله عزَّ وجلَّ فيّ - يعني: نفسه - شأن الخمر: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} [المائدة: ٩٠] ".

( … ) حدثنا محمد بن المثنى، ومحمد بن بشار، قالا: حدّثنا محمد بن جعفر، حدّثنا شعبة، عن سماك بن حرب، عن مصعب بن سعد، عن أبيه، أنه قال: أُنزلت فيّ أربع آيات، وساق الحديث بمعنى حديث زهير، عن سماك، وزاد في حديث شعبة: "قال: فكانوا إذا أرادوا أن يطعموها شَجَرُوا فاها بعصًا، ثم أوجروها".

وفي حديثه أيضًا: "فضرب به أنف سعد، ففزَرَه، وكان أنف سعد مفزورًا". انتهى.

وقوله: (فَأَتَى بِهِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -) هذا عدول من التكلّم إلى الغيبة، وفي بعض النسخ: "فأتيت".

وقوله: (نَفِّلْنِيهِ)؛ أي: أعطني إياه، قال لبيد [من المديد]:

إِنَّ تَقْوَى رَبِّنَا خَيْرُ نَفَلْ … وَبِإِذْنِ اللهِ رَيْثِي وَعَجَلْ

ومنه سُمِّي الرَّجل نَوْفلًا؛ لكثرة عطائه، ويكون النَّفَل أيضًا للزيادة، ومنه نوافل الصلاة، وهي الزوائد على الفرائض (١).

وقوله: (أَأُجْعَلُ) بالبناء للمفعول، والهمزة الأولى للاستفهام، هكذا وقع في نُسخ مسلم بلفظ: "أَأُجْعَلُ"، ووقع في "مختصر القرطبيّ" بلفظ: "أوَ أُجعل فقال القرطبيّ رحمه اللهُ: قوله: "أوَ أُجعل كمن لا غَنَاء له" الرِّواية الصحيحة بفتح الواو، ومن سكَّنها غَلِط؛ لأنها الواو الواقعة بعد همزة الاستفهام، ولا تكون إلا مفتوحة، وأما "أو" الساكنة فلا تكون إلا لأحد الشيئين، وهذا الاستفهام من سعد على جهة الاستبعاد، والتعجب من أن يُنَزَّل من ليس في شجاعته منزلته، لا على جهة الإنكار؛ لأنه لا يصح، ولا يحل الإنكار على النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، لا سيما فيمن يكون في منزلة سعد، ومعرفته بحقّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، واحترامه له.

و"الغَنَاء" بفتح الغين، والمد: النفع. و"الغِنى" - بكسر الغين والقصر -:


(١) "المفهم" ٣/ ٥٣٤.