للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ورواه ابن حبان في "صحيحه"، والحاكم في "مستدركه"، وقال الحاكم: صحيح الإسناد على شرط مسلم، ولم يخرجاه.

وروى أبو داود، والنسائيّ، وابن جرير، وابن مردويه - واللفظ له - وابن حبان، والحاكم عن ابن عباس قال: لما كان يوم بدر قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من صنع كذا وكذا، فله كذا وكذا"، فتسارع في ذلك شبان الرجال، وبقي الشيوخ تحت الرايات، فلما كانت المغانم، جاءوا يطلبون الذي جُعل لهم، فقال الشيوخ: لا تستأثروا علينا، فإنا كنا ردءًا لكم، لو انكشفتم لفئتم إلينا، فتنازعوا، فأنزل الله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ} إلى قوله: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}.

وقال الإمام أبو عبيد القاسم بن سلّام رحمه اللهُ، في كتاب "الأموال الشرعية وبيان جهاتها ومصارفها": أما الأنفال: فهي المغانم، وكلّ نَيْل ناله المسلمون من أموال أهل الحرب، فكانت الأنفال الأُولى إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، يقول الله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} فقسمها يوم بدر على ما أراده الله من غير أن يخمّسها على ما ذكرناه في حديث سعد، ثم نزلت بعد ذلك آية الخُمس، فنَسخت الأولى.

قال ابن كثير: هكذا روى علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، سواء، وبه قال مجاهد، وعكرمة والسُّدِّيّ، وقال ابن زيد: ليست منسوخة، بل هي محكمة.

قال أبو عبيد: وفي ذلك آثار، والأنفال أصلها جمع الغنائم، إلا أن الخمس منها مخصوص لأهله على ما نزل به الكتاب، وجرت به السُّنَّة، ومعنى الأنفال في كلام العرب: كل إحسان فَعَله فاعل تفضلًا من غير أن يجب ذلك عليه، فذلك النفل الذي أحلّه الله للمؤمنين من أموال عدوهم، وإنما هو شيء خصه الله به تطوّلًا منه عليهم، بعد أن كانت المغانم محرمة على الأمم قبلهم، فنفّلها الله هذه الأمة فهذا أصل النفل.

قال ابن كثير: شاهدُ هذا في "الصحيحين" عن جابر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أُعطيت خمسًا لم يُعْطَهُنّ أحد قبلي" فذكر الحديث، إلى أن قال: "وأُحلت لي الغنائم ولم تَحِل لأحد قبلي"، وذكر تمام الحديث.