للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أصله، فقال: إذا جاءت امرأة، فادّعت أن لها زوجًا غائبًا، وله مال في يد رجل، وتحتاج إلى النفقة، فاعترف لها بذلك، فإن الحاكم يقضي عليه بالنفقة، ولو ادعى رجل على حاضر، أنه اشترى من غائب ما فيه شفعة، وأقام بينة بذلك حَكَم له بالبيع والأخذ بالشفعة، ولو مات المدَّعَى عليه، فحضر بعض ورثته، أو حضر وكيل الغائب، وأقام المدعي بينة بذلك حَكَم له بما ادعاه.

إذا ثبت هذا فإنه إن قَدِمَ الغائب قبل الحكم وقف الحكم على حضوره، فإن جَرَحَ الشهود لم يحكم عليه، وإن استنظر الحاكمَ أجّله ثلاثًا، فإن جرحهم وإلا حَكم عليه، وإن ادعى القضاء أو الإبراء فكانت له بينة برئ، وإلا حَلّف المدعي وحَكم له، وإن قَدِم بعد الحكم فجرح الشهود بأمر كان قبل الشهادة بَطَل الحكم، وإن جرحهم بأمر بعد أداء الشهادة أو مطلقًا لم يبطل الحكم، ولم يقبله الحاكم؛ لأنه يجوز أن يكون بعد الحكم فلا يقدح فيه، وإن طلب التأجيل أجّل ثلاثًا، فإن جرحهم وإلا نَفَذ الحكم، وإن ادعى القضاء أو الإبراء، فكانت له به بينة، وإلا حلف الآخَر ونفذ الحكم. انتهى كلام ابن قُدامة رحمه الله (١).

وقال في "الفتح" في "كتاب الأحكام": قال ابن بطال: أجاز مالك، والليث، والشافعيّ، وأبو عبيد، وجماعة الحكم على الغائب، واستثنى ابن القاسم عن مالك ما يكون للغائب فيه حجج، كالأرض والعقار، إلا إن طالت غيبته، أو انقطع خبره، وأنكر ابن الماجشون صحة ذلك عن مالك، وقال: العمل بالمدينة على الحكم على الغائب مطلقٌ، حتى لو غاب بعد أن توجه عليه الحكم، قُضي عليه، وقال ابن أبي ليلى، وأبو حنيفة: لا يُقضَى على الغائب مطلقًا، وأما من هرب، أو استتر بعد إقامة البينة، فينادي القاضي عليه ثلاثًا، فإن جاء والا أنفذ الحكم عليه، وقال ابن قدامة: أجازه أيضًا ابن شُبْرمة، والأوزاعيّ، وإسحاق، وهو أحد الروايتين عن أحمد، ومنعه أيضًا الشعبيّ، والثوريّ، وهي الرواية الأخرى عن أحمد، قال: واستثنى أبو حنيفة من له وكيل مثلًا، فيجوز الحكم عليه بعد الدعوى على وكيله، واحتج من منع


(١) "المغني" ١٤/ ٩٣ - ٩٥.