ولو كان الباطن بخلافه، وأنّ حكم الحاكم يُحدِث في ذلك التحريم والتحليل، بخلاف الأموال.
وتُعُقِّب بأن الفرقة في اللعان، إنما وقعت عقوبةً للعلم بأن أحدهما كاذب، وهو أصل برأسه، فلا يقاس عليه.
وأجاب غيره من الحنفية، بأن ظاهر الحديث يدل على أن ذلك مخصوص، بما يتعلق بسماع كلام الخصم، حيث لا بينة هناك، ولا يمين، وليس النزاع فيه، وإنما النزاع في الحكم المرتَّب على الشهادة، وبأن "مَنْ" في قوله: "فمن قضيت له" شرطية، وهي لا تستلزم الوقوع، فيكون مِنْ فَرْضِ ما لم يقع، وهو جائز فيما تعلق به غَرَضٌ، وهو هنا مُحْتَمِل لأن يكون للتهديد والزجر، عن الإقدام على أخذ أموال الناس باللَّسَن، والإبلاع في الخصومة، وهو وإن جاز أن يستلزم عدم نفوذ الحكم باطنًا، في العقود والفسوخ، لكنه لم يُسَق لذلك، فلا يكون فيه حجة لمن منع، وبأن الاحتجاج به، يستلزم أنه - صلى الله عليه وسلم - يُقَرُّ على الخطإ؛ لأنه لا يكون ما قضى به قطعة من النار، إلا إذا استمر الخطأ، وإلا فمتى فُرِض أنه يطَّلع عليه، فإنه يجب أن يُبطِل ذلك الحكم، ويَرُدّ الحق لمستحقه، وظاهر الحديث يخالف ذلك، فإما أن يسقط الاحتجاج به، ويُؤَوّل على ما تقدم، وإما أن يستلزم استمرار التقرير على الخطإ، وهو باطل.
والجواب عن الأول: أنه خلاف الظاهر، وكذا الثاني، والجواب عن الثالث: أن الخطأ الذي لا يُقَرّ عليه هو الحكم الذي صدر عن اجتهاد فيما لم يُوْحَ إليه فيه، وليس النزاع فيه، وإنما النزاع في الحكم الصادر منه بناء على شهادة زور، أو يمين فاجرة، فلا يسمى خطأ؛ للاتفاق على وجوب العمل بالشهادة، وبالأيمان، وإلا لكان الكثير من الأحكام يسمى خطأ، وليس كذلك، كما تقدمت الإشارة إليه في حديث:"أُمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله"، وحديث:"إني لم أُومر بالتنقيب عن قلوب الناس"، وعلى هذا فالحجة من الحديث ظاهرة، في شمول الخبر: الأموال، والعقود، والفسوخ، والله أعلم.
ومن ثَمّ قال الشافعيّ: إنه لا فرق في دعوى حل الزوجة لمن أقام بتزويجها بشاهدي زور، وهو يعلم بكذبهما، وبين من ادّعى على حُرّ أنه في