للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

زوجته، فإنها لا تحل له، ويلزمها في الظاهر، وعليها أن تمتنع ما أمكنها، فإن أكرهها عليه، فالإثم عليه دونها، وإن وطئها الرجل، فقال أصحابنا، وبعض الشافعية: عليه الحدّ؛ لأنه وطئها، وهو يعلم أنها أجنبية، وقيل: لا حد عليه؛ لأنه وطءٌ مختلَف في حِلّه، فيكون ذلك شبهة، وليس لها أن تتزوج غيره، وقال أصحاب الشافعيّ: تحل لزوج ثان، غير أنها ممنوعة منه في الحكم، وقال القاضي: يصح النكاح.

ولنا أن هذا يفضي إلى الجمع بين الوطء للمرأة من اثنين: أحدهما يطؤها بحكم الظاهر، والآخر بحكم الباطن، وهذا فساد، فلا يُشرع، ولأنها منكوحة لهذا الذي قامت له البينة في قول بعض الأئمة، فلم يَجُز تزويجها لغيره، كالمتزوجة بغير ولي، وحكى أبو الخطاب عن أحمد، رواية أخرى مثل مذهب أبي حنيفة، في أن حكم الحاكم يزيل الفسوخ والعقود، والأول هو المذهب. انتهى (١).

وقال في "الفتح": قال الطحاويّ: ذهب قوم إلى أن الحكم بتمليك مال، أو إزالة ملك، أو إثبات نكاح، أو فُرقة، أو نحو ذلك، إن كان في الباطن كما هو في الظاهر، نَفَذ على ما حكم به، وإن كان في الباطن، على خلاف ما استند إليه الحاكم، من الشهادة، أو غيرها، لم يكن الحكم موجبًا للتمليك، ولا الإزالة، ولا النكاح، ولا الطلاق، ولا غيرها، وهو قول الجمهور، ومعهم أبو يوسف.

وذهب آخرون إلى أن الحكم إن كان في مال، وكان الأمر في الباطن، بخلاف ما استند إليه الحاكم من الظاهر، لم يكن ذلك موجبًا لحله، للمحكوم له، وإن كان في نكاح، أو طلاق، فإنه ينفذ باطنًا وظاهرًا، وحملوا حديث الباب، على ما ورد فيه، وهو المال، واحتجوا لِمَا عَدَاه بقصة المتلاعِنَيْن، فإنه - صلى الله عليه وسلم - فَرّق بين المتلاعنين مع احتمال أن يكون الرجل، قد صَدَق فيما رماها به. قال: فيؤخذ من هذا أن كلَّ قضاء، ليس فيه تمليك مال أنه على الظاهر،


(١) "المغني" ١٤/ ٣٧ - ٣٩.