للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

جمهور العلماء، منهم: مالك، والأوزاعيّ، والشافعيّ، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وداود، ومحمد بن الحسن.

وقال أبو حنيفة: إذا حكم الحاكم بعقد، أو فسخ أو طلاق، نفذ حكمه ظاهرًا وباطنًا، فلو أن رجلين تعمّدا الشهادة على رجل، أنه طلّق امرأته، فَقَبِلهما القاضي بظاهر عدالتهما، ففرَّق بين الزوجين، لجاز لأحد الشاهدين نكاحها، بعد انقضاء عدتها، وهو عالم بتعمّده الكذب، ولو أن رجلًا ادّعى نكاح امرأة، وهو يَعلم أنه كاذب، وأقام شاهدي زور، فحَكَم الحاكم، حَلّت له بذلك، وصارت زوجته. قال ابن المنذر: وتفرّد أبو حنيفة، فقال: لو استأجرت امرأة شاهدين شهدا لها بطلاق زوجها، وهما يعلمان كَذِبهما، وتزويرهما، فحَكَم الحاكم بطلاقها لحلَّ لها أن تتزوج، وحَلّ لأحد الشاهدين نكاحها، واحتج بما رُوي عن عليّ - رضي الله عنه -، أن رجلًا ادّعى على امرأة نكاحها، فرفعها إلى عليّ - رضي الله عنه -، فشهد له شاهدان بذلك، فقضى بينهما بالزوجية، فقالت: والله ما تزوجني يا أمير المؤمنين، اعقد بيننا عقدًا حتى أحل له، فقال: "شاهداك زوّجاك" (١)، فدل على أن النكاح ثبت بحكمه، ولأن اللِّعان يَنفسخ به النكاح، وإن كان أحدهما كاذبًا، فالحكم أولى.

قال: ولنا قول النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إليّ، ولعل بعضكم يكون ألحن بحجته من بعض، فأقضي له على نحوِ ما أسمع منه، فمن قضيت له بشيء من حق أخيه، فلا يأخذ منه شيئًا، فإنما أقطع له قطعة من النار"، متّفقٌ عليه، وهذا يدخل فيه ما إذا ادّعى أنه اشترى منه شيئًا، فحُكم له، ولأنه حكمٌ بشهادة زور، فلا يحل له ما كان محرَّمًا عليه، كالمال المُطْلَق، وأما الخبر عن عليّ - رضي الله عنه -، إن صح فلا حجة لهم فيه؛ لأنه أضاف التزويج إلى الشاهدين، لا إلى حكمه، ولم يُجِبها إلى التزويج؛ لأن فيه طعنًا على الشهود، فأما اللعان فإنما حصلت الفرقة به، لا بصدق الزوج، ولهذا لو قامت البينة به، لم ينفسخ النكاح.

إذا ثبت هذا فإذا شهد على امرأة بنكاح، وحَكَم به الحاكم، ولم تكن


(١) سيأتي أن أثر عليّ - رضي الله عنه - هذا غير ثابت، فتنبّه.