للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الوليد بن عقبة في الخمر، فقال لعبد الله بن جعفر: اجْلِدْه، فجلده، فلما بلغ أربعين قال: أمسك، جلد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعين، وجلد أبو بكر أربعين، وجلد عمر ثمانين، وكلٌّ سُنَّة، وهذا أحب إليّ"، فإن فيه الجزم بأن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - جلد أربعين، وسائر الأخبار ليس فيها عدد، إلا بعض الروايات الماضية عن أنس، ففيها: "نحو الأربعين".

والجمع بينها أن عليًّا أطلق الأربعين، فهو حجة على من ذكرها بلفظ التقريب.

وادَّعَى الطحاويّ أن رواية أبي ساسان هذه ضعيفة؛ لمخالفتها الآثار المذكورة، ولأن راويها عبد الله بن فيروز المعروف بالداناج - بنون، وجيم - ضعيف.

وتعقبه البيهقيّ بأنه حديث صحيح، مخرَّج في المسانيد، والسنن، وأن الترمذيّ سأل البخاريّ عنه، فقوّاه، وقد صححه مسلم، وتلقاه الناس بالقبول.

وقال ابن عبد البر: إنه أثبت شيء في هذا الباب، قال البيهقيّ: وصحة الحديث إنما تُعرف بثقة رجاله، وقد عرفهم حفاظ الحديث، وقبلوهم، وتضعيفه الداناج لا يُقْبَل؛ لأن الجرح بعد ثبوت التعديل لا يُقبل إلا مفسَّرًا، ومخالفة الراوي غيره في بعض ألفاظ الحديث لا تقتضي تضعيفه، ولا سيما مع ظهور الجمع.

قال الحافظ: وَثَّقَ الداناج المذكورَ: أبو زرعة، والنسائيّ، وقد ثبت عن عليّ في هذه القصة من وجه آخر أنه جلد الوليد أربعين، ثم ساقه من طريق هشام بن يوسف، عن معمر، وقال: أخرجه البخاريّ، وهو كما قال، وقد تقدم في مناقب عثمان، وأن بعض الرواة قال فيه: "إنه جلد ثمانين"، وذكرت ما قيل في ذلك هناك (١).

وطَعَن الطحاويّ ومن تبعه في رواية أبي ساسان أيضًا بأن عليًّا قال: "وهذا أحبّ إليّ"؛ أي: جلد أربعين، مع أن عليًّا جلد النجاشي الشاعر في


(١) الذي تقدّم له هناك توهيم رواية: "جلد ثمانين"، وأن بعض الرواة أخطأ فيه، والصواب رواية: "جلد أربعين".