[تنبيه]: استنبط بعض العلماء من هذا الحديث استحباب قراءة القرآن على القبر، قال: لأنه يستأنس بمن حوله، وشممع منهم، وهذا استنباط غير صحيح، فإن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - مع كثرة حضوره مقابرَ المسلمين لم يقرأ القرآن، ولم يأمر أصحابه به، مع كون القرآن أفضل الأذكار، وإنما أمرهم بالاستغفار له، والدعاء بالتثبيت، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم -.
أخرج الشيخان عن عائشة - رضي الله عنها -، قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه، فهو رد"، وسيأتي تمام البحث في هذا في محلّه من "كتاب الجنائز" - إن شاء الله تعالى -.
وأخرج الإمام أحمد، وأصحاب السنن بسند صحيح، من حديث العرباض بن سارية - رضي الله عنه -، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، وإن عبدًا حبشيًّا، فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين، تمسكوا بها، وعَضّوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة".
١٠ - (ومنها): أنه ينبغي للعبد الخوف من تغيّر الحال، والتقصير في الأعمال في حال الموت، لكن ينبغي أن يكون الرجاء هو الأغلب في تلك الحال، حتى يُحسن ظنّه بالله تعالى، فيلقاه على ما أمر به النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقد أخرج المصنّف عن جابر - رضي الله عنه - قال: سمعت النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قبل وفاته بثلاث، يقول:"لا يموتنّ أحدكم، إلا وهو يحسن بالله الظن".
١١ - (ومنها): ما قاله النوويّ: يُستَدَلّ به لجواز قسمة اللحم المشترك ونحوه، من الأشياء الرطبة، كالعنب، قال: وفي هذا خلاف لأصحابنا معروف، قالوا: إن قلنا بأحد القولين: إن القسمة تمييز حق، ليست ببيع جاز، وإن قلنا: بيع فوجهان:
[أصحهما]: لا يجوز؛ للجهل بتماثله في حال الكمال، فيؤدّي إلى الربا.
[والثاني]: يجوز؛ لتساويهما في الحال، فماذا قلنا: لا يجوز فطريقها أن يُجعَل اللحم وشبهه قسمين، ثم يَبِيع أحدهما صاحبه نصيبه من أحد القسمين بدرهم مثلًا، ثم يبيع الآخر نصيبه من القسم الآخر لصاحبه بذلك الدرهم الذي