للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

له عليه، فيحصل لكل واحد منهما قسم بكماله، ولها طرقٌ غير هذا، لا حاجة إلى الإطالة بها هنا. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: القول بأن القسمة تمييز حقّ، وليست ببيع عندي هو الظاهر، فتأمله، والله تعالى أعلم.

١٢ - (ومنها): أنه يُستفاد من سياق كلام عمرو بن العاص - رضي الله عنه - أنه إنما لم يستطع أن يصف النبيّ - صلى الله عليه وسلم -؛ لكونه لم يتأمل ذاته الشريفة في حالتي الكفر والإسلام؛ لاحتجابه عن ذلك، أما في حال كفره فمنعه شدّة بغضه له - صلى الله عليه وسلم - على أن لا يملأ عينيه من النظر إليه، وأما في حال الإسلام فمنعه من ذلك أيضًا شدّة محبته؛ لأن شدّة بغض الشيء، وشدّة حبه، يحجب العين عن النظر إليه نظر تأمل.

ومن ثمّ إنك إذا نظرت إلى أكابر الصحابة - رضي الله عنهم - كأبي بكر، وعمر، وعثمان - رضي الله عنهم - لا تجد عندهم من أوصافه - صلى الله عليه وسلم - الذاتيّة بدقّة ما عند أصاغرهم، فمعظم كتب السنّة والسير إذا طالعت فيها تجد أوصافه - صلى الله عليه وسلم - الدقيقة مروية عن أصاغر الصحابة، كأنس، وهند بن أبي هالة، وابن الزبير، وابن عباس، وابن عمر، وابن عمرو، وأم معبد الخزاعيّة - رضي الله عنهم -، وأشباههم، أو الذين لازموه من صغرهم، كعليّ، وابن مسعود - رضي الله عنهم -، وسرّ ذلك هو ما ذكره عمرو بن العاص - رضي الله عنه - هنا؛ لأنهم ما كانوا يملأون أعينهم من النظر إليه - صلى الله عليه وسلم -، حتى يصفوه وصفًا دقيقًا، فتأمل ما ذكرته، تجده حقًّا - إن شاء الله تعالى - والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله تعالى المذكور أولَ الكتاب قال:

[٣٢٩] (١٢٢) - (حَدَّثَني مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ مَيْمُونٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ دِينَارٍ، وَاللَّفْظُ لإِبْرَاهِيمَ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، وَهُوَ ابْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يَعْلَى بْنُ مُسْلِمٍ، أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الشِّرْك، قَتَلُوا فَأَكْثَرُوا، وَزَنَوْا فَأَكْثَرُوا، ثُمَّ أَتَوْا مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالُوا:


(١) "شرح النوويّ" ٢/ ١٣٩.