للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

٧ - (ومنها): إثبات فتنة القبر، وسؤال الملكين، وهو مذهب أهل الحق، وقد أخرج المصنّف عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال نبي الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن العبد إذا وُضِع في قبره، وتَوَلَّى عنه أصحابه، إنه (١) لِيَسمع قَرْعَ نعالهم، قال: يأتيه ملكان، فيقعدانه، فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ قال: فأما المؤمن، فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله، قال: فيقال له: انظر إلى مقعدك من النار، قد أبدلك الله به مقعدًا من الجنة، قال نبي الله - صلى الله عليه وسلم -: فيراهما جميعًا"، قال قتادة: وذُكِر لنا أنه يُفْسَح له في قبره سبعون ذراعًا، ويُملأ عليه خَضِرًا إلى يوم يبعثون (٢).

٨ - (ومنها): استحباب الْمُكث عند القبر بعد الدفن لحظةً، نحوَ ما ذُكر؛ لما ذُكر، وللدعاء للميت بالتثبيت، فقد أخرج أبو داود في "سننه" بسنده عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قال: كان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إذا فرغ من دفن الميت، وَقَفَ عليه، فقال: "استغفروا لأخيكم، وسَلُوا له التثبيت، فإنه الآن يُسأل" (٣).

٩ - (ومنها): أن الميت يَسْمَعُ حينئذ مَن حَوْلَ القبر، وهو ما دلّ عليه حديث أنس - رضي الله عنه - المذكور، ولحديث عمرو بن العاص - رضي الله عنه - هذا، لأن الظاهر أنه إنما قاله نقلًا عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن مثله لا يُدرك إلا من جهة النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، قاله القرطبيّ (٤).

قال القاضي عياض: وفي هذا الحديث حجة لفتنة القبر، وأن الميت تُصرف روحه إليه إذا أدخل قبره لسؤال الملكين، وفتنتهما، وأنه يعلم حينئذ، ويسمع، ولا يُعترض على هذا بقوله تعالى: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} الآية [النمل: ٨٠]؛ للاختلاف في معناها، واحتمال تأويلها، ولأنه قد يكون المراد بها في وقت غير هذا؛ لما وردت به الآثار الصحاح من فتنة القبر، وسؤال الملكين، ولا يُنافي هذا السماع، وسيأتي الكلام عليه بعد هذا. انتهى (٥).


(١) ولفظ أحمد: "حتى إنه ليسمع قرع نعالهم … ".
(٢) سيأتي برقم (٢٨٧٠) إن شاء الله تعالى.
(٣) حديث صحيح، أخرجه أبو داود في "سننه" برقم (٢٨٠٤).
(٤) "المفهم" ١/ ٣٣٢.
(٥) "إكمال المعلم" ١/ ٥٠٠ - ٥٠١.