للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الفيّوميّ (١). (مَا كَانَ قَبْلَهُ) موصولة مفعول به لـ"يَهْدِمُ".

والمعنى: أنه يُسقطه، ويمحو أثره.

قال القاضي عياضٌ: معنى "ما كان قبله" أي من أعمال الشرك؛ إذ عنها طلب عمرو الغفران، ثم إن مقتضى عُموم اللفظ يأتي على الذنوب، لا سيّما مع ذكر الحجّ، فقد يكون ذكره الهجرةَ كنايةً عن الإسلام، فَيجُبُّ ما قبله من الكفر وأعماله، وهي مسألة عمرو، وذَكَر الحجّ ليعلمه أيضًا أن الحسنات يُذهبن السيّئات، كما قال تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: ١١٤]. انتهى (٢).

قال الجامع: قول القاضي: "فيكون ذكره الهجرة كناية … إلخ" الأولى حمل الهجرة على الهجرة المعروفة، وأنها تهدم السيّئات، فلا داعي لما قاله، فتأمّل، والله تعالى أعلم.

(وَأَنَّ الْهِجْرَةَ) بكسر، فسكون: هي في الأصل الاسم من الهَجْر: ضدّ الوصل، وقد هجَرَ يَهجُر هَجْرًا، من باب نصر، ثم غلب على الخروج من أرض إلى أرض، وترك الأولى للثانية، يقال منه: هاجر مهاجرة، قاله ابن الأثير (٣).

وقال الفيّوميّ: "الْهِجْرة" بالكسر: مفارقة بلد إلى غيره، فإن كانت قُربةً لله فهي الهِجْرة الشرعيّة، وهي اسم من هاجر مُهاجرةً. انتهى (٤).

(تَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلِهَا) أي من الذنوب (وَأَنَّ الْحَجَّ) تقدّم أنه بفتح الحاء، وكسرها، فالفتح مصدر حَجّ، من باب نصر: إذا قَصَدَ، ثم قُصِرَ استعماله في الشرع على قصد الكعبة للحج، أو العمرة، والكسر اسم منه (يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ؟) قال القرطبيّ: الهدم هنا استعارة، وتوسّعٌ، يعني به: الإذهابَ والإزالةَ؛ لأن الجدار إذا انهدم، فقد زال وضعه، وذهب وجوده، وقد عبّر عنه في الرواية الأخرى بالْجَبّ، فقال: "يَجُبُّ": أي يقطع، ومنه المجبوب، وهو المقطوع ذَكره، ومعنى العبارتين واحد، والمقصود: أن هذه الأعمال الثلاثة


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٦٣٦.
(٢) "إكمال المعلم" ١/ ٤٩٨.
(٣) " النهاية" ٥/ ٢٤٤ بزيادة.
(٤) "المصباح" ٢/ ٦٣٤.