للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

(إِلَيَّ) متعلّق بـ "أحبّ" (أَنْ) مصدريّةٌ (أَكُونَ) في تأويل المصدر مجرور بـ "من" مقدّرةً، أي من كوني (قَدِ اسْتَمْكَنْتُ مِنْهُ) أي قدرت عليه، يقال: استمكن منه: قَدَرَ عليه (١). (فَقَتَلْتُه) - صلى الله عليه وسلم -، والمعنى أن أحبّ شيء إلى عمرو في تلك الحالة أن يتمكن من النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فيقتله؛ لشدّة بغضه له، قال عمرو - رضي الله عنه - (فَلَوْ مُتُّ) بضم الميم، وكسرها، يقال: مات الإنسان يموتُ موتًا، من باب قال، ومَاتَ يَمَاتُ موتًا، من باب خاف، وفيه لغة ثالثة: مِتّ بكسر الميم تموتُ، وهي من باب تداخل اللغتين (٢). (عَلَى تِلْكَ الْحَالِ) التي ذكرها من شدّة البغض، وتمنّي قتله - صلى الله عليه وسلم -.

[تنبيه]: الأفصح في ضمير "الحال" ووصفه التأنيث، ولذا قال هنا: "على تلك الحال"، فأنّث "تلك"، وفي لفظه التذكيرُ بأن يجردّ من التاء، فيقال: حالٌ حسنةٌ، ومنه قول الشاعر:

إِذَا أَعْجَبَتْكَ الدَّهْرَ حَالٌ مِنِ امْرِئٍ

وألفها بدل من الواو؛ لجمعها على أحوال، وتصغيرها على حُويلة، مشتقّة من التحوّل، وهو التنقّل (٣).

(لَكُنْتُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ) لكونه كافرًا بالله تعالى، ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، {وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٣٩)} [البقرة: ٣٩].

ثم أشار إلى الطبق الثاني من أطباقه الثلاث بقوله:

(فَلَمَّا جَعَلَ اللهُ الْإِسْلَامَ فِي قَلْبِي) عبّر بالجعل إشارة إلى أنه تمكّن من قلبه، واطمأنت به نفسه (أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقُلْتُ: ابْسُطْ يَمِينَكَ) فيه أن السنّة في المبايعة أن تكون باليد اليمنى، (فَلْأُبَايِعْكَ) قال القرطبيّ: بكسر اللام، وإسكان العين على الأمر: أي أمر المتكلّم لنفسه، والفاء جواب لما تضمّنه الأمر الذي هو "ابسط" من الشرط، ويصحّ أن تكون اللام لامَ "كَيْ"، ويُنصب "أُبايعَكَ"، وتكون اللام سببيّةً. انتهى (٤).


(١) راجع: "المصباح" ٢/ ٥٧٧.
(٢) راجع: "المصباح المنير" ٢/ ٥٨٣.
(٣) راجع: "حاشية الخضري على شرح ابن عقيل" ١/ ٣١٤.
(٤) "المفهم" ١/ ٣٢٨.