للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

كون الطَّبَق مذكّرًا؛ نظرًا لكونه بمعنى الحال، وهو يذكّر ويؤنّث، أو لكون المعدود مقدّمًا؛ فقد سبق أن قلنا: إن قاعدة تذكير العدد وتأنيثه، إنما تجب إذا وقع المعدود تمييزًا، وأما إذا تقدّم، كما هنا، أو حُذف، كحديث: "من صام رمضان، وأتبعه ستًّا من شوّال" (١)، جاز فيه الأمران، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

ثم أشار إلى الطَّبَق الأوّل من الأطباق الثلاث بقوله:

(لَقَدْ رَأَيْتُنِي) أي رأيت نفسي، وقد تقدّم الكلام على أن من خواصّ أفعال القلوب جواز كون فاعلها ومفعولها ضميرين متّصلين لمسمّى واحد، كـ"ظننتني"، و"رأيتني" مستوفًى، فلا تَنْسَ.

و"رأى" هنا بصريّة، وهي ملحقة بأفعال القلوب في الحكم المذكور (٢).

وفي رواية أحمد المذكورة: "إني كنت على ثلاثة أطباق، ليس فيها طَبَقٌ إلا قد عرفتُ فيه نفسي، كنت أول شيء كافرًا، فكنت أشدّ الناس على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - … ".

(وَمَا) الواو حالية، و"ما" نافية حجازيّة، تعمل عمل "ليس"، كما قال في "الخلاصة":

عَمَلَ "لَيْسَ" أُعْمِلَتْ "مَا" دُونَ "إِنْ" … مَعَ بَقَا النَّفْيِ وَتَرْتِيبٍ زُكِنْ

وقال الحريريّ في "ملحته":

وَ"مَا" الَّتِي تَنْفِي كَـ"لَيْسَ" النَّاصِبَهْ … فِي قَوْلِ سُكَّانِ الْحِجَازِ قَاطِبَهْ

وقوله: (أَحَدٌ) اسمها و (أَشَدَّ) خبرها، و (بُغْضًا) منصوب على التمييز (لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنِّي) الجارّ متعلّق بـ "بغض"، والثاني بـ "أشدّ"، ويحتمل أن تكون "ما" تميميّة، لا تعمل، فيكون قوله: "أحدٌ أشدُّ" مرفوعًا على الابتداء والخبر.

والمعنى: أنه لا يوجد أحد أشدّ بغضًا له - صلى الله عليه وسلم - من عمرو بن العاص قبل أن يُسلم.

(وَلَا أَحَبَّ) بالنصب عطفًا على "أشدّ"، ويحتمل الرفع على ما سبق آنفًا


(١) سيأتي للمصنّف في "كتاب الصيام" برقم (١١٦٤).
(٢) راجع: "حاشية الخضري على ابن عقيل" ١/ ٢٢١.