للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقد تعقّب بعض المتأخّرين (١) جمع الحافظ المذكور، فقال: ويردّ على تحقيق الحافظ ما أخرجه أبو داود في "سننه" من طريق هشام الدستوائيّ، عن أبي الزبير، عن جابر -رضي الله عنه-، قال: "اشتكيتُ، وعندي سبع أخوات، فدخل عليّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فنفخ في وجهي، فأفقت، فقلت: يا رسول الله، ألا أُوصي لأخواتي بالثلث؟، قال: أحسن، قلت: الشطر؟، قال: أحسن، ثم خرج، وتركني، فقال: يا جابر لا أراك ميتًا من وجعك هذا، وإن الله قد أَنْزَل، فَبَيَّن الذي لأخواتك، فجعل لهنّ الثلثين، قال: فكان جابر يقول: أُنزلت هذه الآية فيّ: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} الآية [النساء: ١٧٦] " (٢).

قال: والظاهر أن قصّة هذا الحديث عَيْنُ قصّة حديث الباب، وتعدّد القصّة -كما اختاره الحافظ- بعيد جدًّا.

قال: وإن هذا الحديث تبيّن منه أمران:

الأول: أن جابرًا هو الذي عيّن الآية التي نزلت في قصته.

والثاني: أن تلك الآية هي التي في آخر "سورة النساء" من آية الكلالة، وكِلا الأمرين يردّ ما قاله الحافظ، ويثبت أن الجزم بوهم ابن عيينة في حديث الباب لا سبيل إليه.

قال: ولعلّ الحافظ نفسه تنبّه لهذا في أول "كتاب الفرائض"، فاختار للجمع بين الروايات طريقًا آخر، فقال: ويظهر أن يقال: إن كُلًّا من الآيتين لَمّا كان فيها ذِكْرُ الكلالة نزلت في ذلك، لكن الآية الأولى لمّا كانت الكلالة فيها خاصّة بميراث الإخوة من الأم، كما كان ابن مسعود يقرأ: "وله أخ أو أخت من أم"، وكذا قرأ سعد بن أبي وقاص، أخرجه البيهقيّ بسند صحيح، استفتوا عن ميراث غيرهم من الإخوة، فنزلت الأخيرة، فيصحّ أن كُلًّا من الآيتين نزل في قصة جابر، لكن المتعلِّق به من الآية الأولى ما يتعلق بالكلالة، وأما سبب نزول أوّلها فوَرَد من حديث جابر أيضًا في قصة ابنتي سعد بن الربيع، ومنع


(١) هو صاحب "تكملة فتح الملهم" ٢/ ١٨ - ١٩.
(٢) الحديث صحيح، أخرجه أبو داود في "سننه" رقم (٢٧٦٧)، والبيهقيّ في "الكبرى" (٦/ ٢٣١).