للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أجل فقدان التماثل، لا من جهة استعمال الإناء، فمذهب ابن القيّم -رضي الله عنهم- لا تساعده الأحاديث، ولا تعامل الصحابة، وتأويله بما ذكر تأويل تأباه ألفاظ الحديث، والنظر الصحيح جميعًا؛ لأن الإناء من الفضّة، وإن حرُم استعمالها، فلا يحرم بيعها وشراؤها بنيّة تخليص ما فيها من فضّة، واستعمالها في الحلي مثلًا.

فالحقّ الصريح أن هؤلاء الصحابة -رضي الله عنهم- كانوا يقولون بالحرمة في كلّ ذهب وفضّة، سواء كانا مصوغين، أو مسكوكين، وخالفهم معاوية -رضي الله عنه- باجتهاده، ولكن قضاء عمر -رضي الله عنه- في الأخير كان بخلافه، والظاهر أن يكون معاوية رجع عن قوله بعد كتاب عمر -رضي الله عنهما-. انتهى (١)، وهو تحقيقٌ مفيد، والله تعالى أعلم.

(فَقَامَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ) -رضي الله عنه- (فَأَعَادَ الْقِصَّةَ، ثُمَّ قَالَ: لَنُحَدِّثَنَّ بِمَا سَمِعْنَا مِنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَإِنْ كَرِهَ مُعَاوِيةُ، أَوْ) للشكّ من الراوي (قَالَ: وَإِنْ رَغِمَ) أي: ذَلّ، يقال: رَغِم، بكسر الغين المعجمة، وفتحها: بمعنى ذَلَّ، وصار كاللاصق بالرُّغام، وهو التراب، وفيه الاهتمام بتبليغ السنن، ونشر العلم، وإن كرهه من كَرِهه، وفيه القول بالحقّ، وإن كان المقول كبيرًا (مَا أُبَالِي أَنْ لَا أَصْحَبَهُ) أي: في عدم مصاحبة معاوية (فِي جُنْدِهِ) أي: مع جنده (لَيْلَةً سَوْدَاءَ) أي: مظلمة.

وكان عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- ممن بايع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن لا يخاف في الله لومة لائم، كما رواه قتادة في هذا الحديث عند النسائيّ في "سننه"، وكان عمر -رضي الله عنه- بعث ثلاثة من فقهاء الصحابة إلى الشام بطلب من يزيد بن أبي سفيان (٢)، فأقام أبو الدرداء بدمشق، ومعاذ بفلسطين، وعبادة بحمص، ثم لَمّا


(١) راجع: "تكملة فتح الملهم" ١/ ٥٩٥ - ٥٩٦.
(٢) يزيد بن أبي سفيان بن حرب الأمويّ، أخو معاوية صحابيّ مشهور، أمّره عمر -رضي الله عنهما- على دمشق حتى مات بها سنة تسع عشرة من الهجرة بالطاعون. انتهى. "التقريب" ص ٣٨٢.