للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فإذا مُنع رعي ماشيته في الكلأ هزلت، فينشأ عن ذلك قلة اللبن، أو فقده، فتجوع العيال الذين يقتاتون باللبن، وما ينشأ عنه من الجبن وغيره، ذكره وليّ الدين - رحمه الله - (١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): رَوَى ابن ماجه - رحمه الله - بإسناد صحيح عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ثلاث لا يُمْنَعْنَ: الماء، والكلأ، والنار".

وروى ابن ماجه أيضًا عن عبد الله بن سعيد، عن عبد الله بن خِرَاش بن حَوْشَب الشيبانيّ، عن العَوّام بن حَوْشَب، عن مجاهد، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "المسلمون شركاء في ثلاث، في الماء، والكلأ، والنار، وثمنه حرام"، قال أبو سعيد: يعني الماء الجاري. قال وليّ الدين - رحمه الله -: والظاهر أن أبا سعيد هذا هو عبد الله بن سعيد شيخ ابن ماجه، وهو الأشجّ، وكان أحد الحفاظ، وهذا الإسناد ضعيف؛ لضعف عبد الله بن خِرَاش، وهو بكسر الخاء، وبالشين المعجمتين، وفي ترجمته أورده ابن عديّ في "الكامل".

ورَوَى أبو داود من رواية رجل من المهاجرين، من أصحاب النبيّ - صلى الله عليه وسلم - مرفوعًا: "المسلمون شركاء في ثلاث: الماء، والكلأ، والنار".

قال الخطابيّ: هذا معناه الكلأ يَنبت في موات الأرض، يرعاه الناس، ليس لأحد أن يختص به دون أحد، ويحجزه عن غيره، وكان أهل الجاهلية إذا عَزّ الرجلُ منهم حَمَى بُقْعَةً من الأرض لماشيته ترعاها، يذود الناسَ عنها، فأبطل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ذلك، وجعل الناس فيه شركاء، يتعاورونه بينهم، فأما الكلأ إذا نبت في أرض مملوكة لمالك بعينه، فهو مال له ليس لأحد أن يَشْرَكه فيه إلا بإذنه.

قال: وقوله: "والنار" فسَّره بعض العلماء بالحجارة التي تُوري النار، فلا يُمنع أحد أن يأخذ منها حجرًا يَقْدَح به النار، فأما التي يوقدها الإنسان، فله أن يمنع غيره من أخذها، وقال بعضهم: له أن يمنع من يريد أن يأخذ منها جذوة من الحطب قد احترق، فصار جمرًا، وليس له أن يمنع من أراد أن


(١) "طرح التثريب" ٦/ ١٨٢ - ١٨٣.