للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

في صحيح الأخبار، وكان رأى أنه لا يبايع لمن لم يجتمع عليه الناس، ولهذا لم يبايع أيضًا لابن الزبير، ولا لعبد الملك في حال اختلافهما، وبايع ليزيد بن معاوية، ثم لعبد الملك بن مروان بعد قتل ابن الزبير، أو لعل في تلك المدة - أعني مدة خلافة عليّ - لم يؤاجر أرضه، فلم يذكرها لذلك. انتهى (١).

وقال بعضهم: ثم هذا مما يدلّ على وجوب التأويل في حديث رافع؛ لأن من العجيب أن لا يعلم مثل ابن عمر حكم المزارعة طوال صحبته مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والخلفاء الراشدين، مع اشتغاله بها، وشدّة تمسّكه بأحكام الشرع، وأن لا يعلم حرمته طوال هذه المدّة غير رافع بن خديج من الصحابة الكبار، فلو كانت المزارعة ممنوعة مطلقًا لعلمه هؤلاء بيقين، فظهر أن العموم الظاهر من أحاديث رافع محمول على خصوص بعض الواقعات التي كانوا يتعارفونها. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: أما تأويل عموم حديث رافع - رضي الله عنه - فمما لا شكّ فيه، وأما وأن لا يعلمه غير رافع، فغير صحيح، فقد علمه غيره من الصحابة؛ كجابر بن عبد الله، وأبي هريرة - رضي الله عنه -، ولذا قال في "الفتح": وقد استظهر البخاريّ لحديث رافع بحديث جابر، وأبي هريرة - رضي الله عنهما - رادًّا على من زعم أن حديث رافع فردٌ، وأنه مضطربٌ، وأشار إلى صحة الطريقين عنه، حيث رَوَى عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وقد رَوَى عن عمه، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وأشار إلى أن روايته بغير واسطة مقتصرة على النهي عن كراء الأرض، وروايته عن عمه مُفَسِّرة للمراد، وهو ما بيّنه ابن عباس - رضي الله عنهما - في روايته، من إرادة الرفق والتفضُّل، وأن النهي عن ذلك ليس للتحريم. انتهى (٣).

(حَتَّى بَلَغَهُ فِي آخِرِ خِلَافَه مُعَاوِيةَ) وكان آخر خلافة معاوية في سنة ستين من الهجرة، قاله في "الفتح" (٤).

والحاصل أن حديث رافع - رضي الله عنه - صحيح بالطريقين، وتأويله واضح، وهو


(١) "الفتح" ٦/ ١٤٥ "كتاب الحرث والمزارعة" رقم (٢٣٤٣).
(٢) "تكملة فتح الملهم" ١/ ٤٥٧.
(٣) "الفتح" ٦/ ١٤٦.
(٤) ٦/ ١٤٥.