للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

خديج - رضي الله عنه -، قال: كنّا نُخابر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكر أن بعض عمومته أتاه، فقال: نَهَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر كان لنا نافعًا، وطواعية الله، ورسوله كرر أنفع لنا، قلنا: ما ذاك؟ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من كانت له أرضٌ، فليَزرَعها، ولا يُكريها بثلث، ولا بربع، ولا بطعام مسمّى"، وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: ما كنّا نرى بالمزارعة بأسًا حتى سمعت رافع بن خَديج يقول: نَهَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنها. وقال جابر - رضي الله عنه -: نَهَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المخابرة.

وهذه كلها أحاديث صحاح متّفقٌ عليها، والمخابرة: المزارعة، واشتقاقها من الْخَبَار، وهي الأرض الليّنة، والْخَبير: الأَكّار، وقيل: المخابرة: معاملة أهل خيبر، وقد جاء حديث جابر - رضي الله عنه - مفسّرًا، فروى البخاريّ بإسناده عن جابر - رضي الله عنه - قال: كانوا يزرعونها بالثلث، والربع، والنصف، فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "من كانت له أرضٌ، فليزرعها، أو ليمنحها أخاه، فإن لم يفعل، فليُمسك أرضه". ورُوي تفسيرها عن زيد بن ثابت - رضي الله عنه -، فقد رَوَى أبو داود بإسناده عن زيد - رضي الله عنه - قال: نَهَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المخابرة، قلت: وما المخابرة؟ قال: أن يأخذ الأرض بنصف، أو ثلث، أو ربع.

واحتجّ الأولون بما روى ابن عمر - رضي الله عنهما -، قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عامل أهل خيبر بشطر ما يخرُج منها، من زرع، أو ثمر. متفق عليه، وقد رُوي ذلك عن ابن عبّاس، وجابر بن عبد الله - رضي الله عنهم -.

وقال أبو جعفر (١): عامَل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهل خيبر بالشطر، ثم أبو بكر، ثم عمر، وعثمان، وعليّ - رضي الله عنهم -، ثم أهلوهم إلى اليوم، يُعطُون الثلث، والربع، وهذا أمر صحيحٌ، مشهور، عَمِل به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى مات، ثم خلفاؤه الراشدون حتى ماتوا، ثم أهلوهم من بعده.

فرَوَى البخاريّ عن ابن عمر أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عامل أهل خيبر بشطر ما يخرُجُ منها، من زرع، أو ثمرٍ، فكان يُعطي أزواجه مائة وسق، ثمانون وسقًا تمرًا، وعشرون وسقًا شعيرًا، فَقَسَم عمر - رضي الله عنه - خيبر، فخيَّر أزواج النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أن يَقطع لهن من الأرض والماء، أو يُمضي لهنّ الأوسق، فمنهنّ من اختار الأرض،


(١) الظاهر أنه ابن جرير الطبريّ، والله تعالى أعلم.