للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قالوا: لا يحتاج إلى تقدير ذلك؛ لأنه يصحّ العتق عن الميت، وهو لا يملك، وفيه نظر، فإنه إن لم يقدّر الملك لزم منه هبة الولاء، وقد نَهَى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الولاء، وعن هبته، وإن قدّر الملك لم يصحّ العتق عن الميت؛ لأنه لا يملك. انتهى المقصود من كلام القرطبيّ رَحمه اللهُ (١).

(ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) وفي رواية أبي أسامة، عن هشام الآتية: "قالت: ثم خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشيّةً، فحَمِد الله، وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: أما بعد، فما أقوام يشترطون شُروطًا … ". (فَقَالَ: "مَا بَالُ أُنَاسٍ) أي: ما حالهم؟ وقوله: (يَشْتَرِطُونَ) جملة في محلّ جرّ على أنه صفة لـ"أناس"، أو في محلّ نصب على الحال منهم (شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللهِ؟ مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ في كِتَابِ اللهِ) المراد بما ليس في كتاب الله: ما خالف كتاب الله.

وقال ابن بطّال رحمه اللهُ: المراد بكتاب الله هنا حكمه، من كتابه عزّ وجلّ، أو سنّة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، أو إجماع الأمّة.

وقال ابن خزيمة رحمه الله: ليس في كتاب الله؛ أي: ليس في حكم الله جوازه، أو وجوبه، لا أن كلّ من شرط شرطًا لم ينطق به الكتاب يبطل؛ لأنه قد يُشترط في البيع الكفيل، فلا يبطل الشرط، ويُشترط في الثمن شروط من أوصافه، أو من نجومه، ونحو ذلك، فلا يبطل.

وقال النوويّ رحمه اللهُ: قال العلماء: الشروط في البيع ونحوه أقسام:

[أحدها]: شرطٌ يقتضيه إطلاق العقد، بأن شرَطَ تسليمه إلى المشتري، أو تبقية الثمرة على الشجرة إلى أوان الجَداد، أو الردّ بالعيب.

[الثاني]: شرطٌ فيه مصلحةٌ، وتدعو إليه الحاجة؛ كاشتراط الرهن، والضمين، والخيار، وتأجيل الثمن، ونحو ذلك، وهذان القسمان جائزان، ولا يؤثّران في صحّة العقد، بلا خلاف.

[الثالث]: اشتراط العتق في العبد المبيع، أو الأمة، وهذا جائزٌ أيضًا عند الجمهور؛ لحديث عائشة - رضي الله عنها -، وترغيبًا في العتق؛ لقوّته، وسرايته.

[الرابع]: ما سوى ذلك من الشروط، كشرطِ استثناء منفعة، وشرطِ أن


(١) "المفهم" ٤/ ٣٢٨ - ٣٢٩.