عبادة - وهو سيد الأنصار -: أهكذا نزلت يا رسول الله؟ فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "يا معشر الأنصار، ألَّا تسمعون إلى ما يقول سيدكم؟ " قالوا: يا رسول الله لا تَلُمْه، فإنه رجل غَيُور، والله ما تزوج امرأة قطّ إلَّا بكرًا، وما طَلَّق امرأة له قطّ، فاجترأ رجل منا على أن يتزوجها، من شدّة غيرته، فقال سعد: والله يا رسول الله، إني لأعلم أنَّها حقّ، وأنها من الله تعالى، ولكني قد تعجبت أني لو وجدت لكاعًا تفخّذها رجل، لَمْ يكن لي أن أُهيجه، ولا أحرّكه حتى آتي بأربعة شهداء، فوالله لا آتي بهم حتى يقضي حاجته، قال: فما لبثوا إلَّا يسيرًا حتى جاء هلال بن أمية، وهو أحد الثلاثة الذين تيب عليهم، فجاء من أرضه عِشاءً، فوجد عند أهله رجلًا، فرأى بعينيه، وسمع بأذنيه، فلم يُهجه حتى أصبح، فغدا على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: يا رسول الله، إني جئت أهلي عشاءً، فوجدت عندها رجلًا، فرأيت بعيني، وسمعت بأذني، فكَرِه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما جاء به، واشتَدّ عليه، واجتمعت الأنصار، فقالوا: قد ابتُلينا بما قال سعد بن عبادة، الآن يَضْرِب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هلال بن أمية، ويُبطل شهادته في المسلمين، فقال هلال: والله إني لأرجو أن يجعل الله لي منها مخرجًا، فقال هلال: يا رسول الله إني قد أرى ما اشتدّ عليك مما جئت به، واللهُ يعلم أني لصادق. ووالله إن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يريد أن يأمر بضربه؛ إذ أنزل الله على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الوحي، وكان إذا نزل عليه الوحي عَرَفُوا ذلك في تربُّد جلده، فأمسكوا عنه، حتى فرغ من الوحي، فنزلت:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ} الآية [النور: ٦]، فَسُرِّي عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال:"أبشر يا هلال، فقد جعل الله لك فرجًا ومخرجًا"، فقال هلال: قد كنت أرجو ذاك من ربي، فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أرسلوا إليها"، فأرسلوا إليها، فجاءت، فقرأها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عليهما، وذَكَّرهما، وأخبرهما أن عذاب الآخرة أشدّ من عذاب الدنيا، فقال هلال: والله يا رسول الله، لقد صدقت عليها، فقالت: كَذَبَ، فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لاعنوا بينهما"، فقيل لهلال: اشهَدْ، فشهِد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، فلما كان في الخامسة، قيل: يا هلال اتّقِ الله، فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، وإن هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب، فقال: والله لا يعذّبني الله عليها، كما لَمْ يَجلِدني عليها، فشَهِد في الخامسة أن