عكرمة، عن ابن عبّاس، فإنها قصّة أخرى، كما تقدّم في تفسير "سورة النور"، عن ابن عبد البرّ أن القاسم روى قصّة اللعان عن ابن عبّاس، كما رواه سهل بن سعد، وغيره، في أن الملاعن عويمر، وبيّنت هناك توجيهه، وعلى هذا فالقول المبهم عن عاصم في رواية القاسم هذه هو قوله:"أرأيت رجلًا وجد مع امرأته رجلًا؛ أيقتله، فتقتلونه؟ " الحديث، ولا مانع أن يروي ابن عباس القصّتين معًا، ويؤيّد التعدّد اختلاف السياقين، وخلوّ أحدهما عما وقع في الآخر، وما وقع بين القصّتين من المغايرة، كما أبيّنه. انتهى (١).
(ثُمَّ انْصَرَفَ) أي: رجع عاصم من مجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى منزله (فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ) هو عويمر كما تقدّم، ولا يمكن تفسيره بهلال بن أُميّة؛ لأنه لا قرابة بينه وبين عاصم؛ لأنه هلال بن أمية بن عامر بن عبد قيس من بني واقف، وهو مالك بن امرئ القيس بن مالك بن الأوس، فلا يجتمع مع بني عمرو بن عوف الذي ينتمي عاصم إلى حلفهم، إلا في مالك بن الأوس؛ لأن عمرو بن عوف هو ابن مالك، قاله في "الفتح"(يَشْكُو إِلَيْهِ؛ أَنَّهُ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا، فَقَالَ عَاصِمٌ: مَا ابْتُلِيتُ بِهَذَا) ببناء الفعل للمجهول؛ أي: ما ابتُليت بوقوع هذه الفاحشة في قومي إلا بسؤالي عما لم يقع، وإنما أسند الابتلاء إليه؛ لأن عويمرًا كانت تحته بنت عاصم، أو بنت أخيه، فما وقع منها فهو ابتلاء له.
وقوله (إِلَّا بِقَوْلِي) أي: بسؤالي عما لم يقع، كأنه قال: فعوقبت بوقوع ذلك في آل بيتي.
قال الحافظ: وزعم الداوديّ أن معناه أنه قال مثلًا: لو وجدت أحدًا يفعل ذلك لقتلته، أو عيّر أحدًا بذلك، فابتلي به، وكلامه أيضًا بمعزل عن الواقع، فقد وقع في مرسل مقاتل بن حيّان عن ابن أبي حاتم:"فقال عاصم: إنا لله، وإنا إليه راجعون، هذا والله بسؤالي عن هذا الأمر بين الناس، فابتليت به"، والذي كان قال:"لو رأيته لضربته بالسيف" هو سعد بن عبادة.
وقد أورد الطبريّ من طريق أيوب، عن عكرمة، مرسلًا، ووصله ابن