مردويه بذكر ابن عبّاس، قال: لما نزلت: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} قال سعد بن عبادة: "إن أنا رأيت لَكَاعِ يَفجُر بها رجل. . ." فذكر القصّة، وفيه: فوالله ما لبثوا إلا يسيرًا حتى جاء هلال بن أُميّة، فذكر قصّته، وهو عند أبي داود في رواية عبّاد بن منصور، عن عكرمة، عن ابن عبّاس، فوضح أن قول عاصم كان في قصّة عويمر، وقول سعد بن عبادة كان في قصّة هلال، فالكلامان مختلفان، وهما مما يؤيّد تعدد القصّة، ويؤيّد التعذد أيضًا أنه وقع في آخر حديث ابن عباس عند الحاكم:"قال ابن عبّاس: فما كان بالمدينة أكثر غاشية منه"، وعند أبي داود وغيره:"قال عكرمة: فكان بعد ذلك أميرًا على مصر، وما يُدْعَى لأب"، فهذا يدلّ على أن ولد الملاعنة عاش بعد النبيّ - صلى الله عليه وسلم - زمانًا.
وقوله:"على مصر"؛ أي: من الأمصار، وظنّ بعض شيوخنا أنه أراد مصر البلد المشهور، فقال: فيه نظر؛ لأن أمراء مصر معروفون معدودون، ليس فيهم هذا.
ووقع في حديث عبد الله بن جعفر، عند ابن سعد في "الطبقات" أن ولد الملاعنة عاش بعد ذلك سنتين، ومات، فهذا أيضًا مما يقوّي التعدد، والله أعلم. انتهى كلام الحافظ رحمه الله (١).
(فَذَهَبَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَأَخْبَرَهُ، بِالَّذِي وَجَدَ عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ، وَكَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ) أي: الذي رَمَى امرأته (مُصْفَرًّا) - بضم أوله، وسكون الصاد المهملة، وفتح الفاء، وتشديد الراء - أي: قويّ الصفرة، وهذا لا يخالف قوله في حديث سهل - رضي الله عنه -: "إنه أحمر، أو أشقر"؛ لأن ذاك لونه الأصليّ، والصفرة عارضة (قَلِيلَ اللَّحْمِ) أي: نحيف الجسم (سَبِطَ الشَّعْرِ) بفتح، فكسر، أو بفتحتين؛ أي: مسترسله، وهو ضدّ الجعودة (وَكَانَ الَّذِي ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ وَجَدَهُ عِنْدَ أَهْلِهِ خَدْلًا) - بفتح الخاء المعجمة، وإسكان الدال المهملة -: هو الممتلئ الساق الضخم؛ أي: ممتلئ الساقين، وقال أبو الحسين بن فارس:"ممتلئ الأعضاء"، وقال الطبريّ: لا يكون إلا مع غلظ العظم مع اللحم، وقال ابن التين: ضُبِط في بعض الكتب بكسر الدال، وتخفيف اللام، وفي بعضها بتشديد