للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وإنما معناه: إن هذا الشهر تسع وعشرون" فـ"أل" في "الشهر" عهديّةٌ، فتنبّه.

ووقع في رواية البخاريّ بلفظ: "فقال: الشهر تسع وعشرون ليلةً، وكان ذلك الشهر تسعًا وعشرين ليلةً"، قال في "الفتح": في هذا إشارة إلى تأويل الكلام الذي قبله، وأنه لا يراد به الحصر، أو أن اللام في قوله: "الشهر" للعهد من الشهر المحلوف عليه، ولا يلزم من ذلك أن تكون الشهور كلها كذلك، وقد أنكرت عائشة على ابن عمر روايته المطلقة: "إن الشهر تسع وعشرون"، فأخرج أحمد، من طريق يحيى بن عبد الرحمن، عن ابن عمر رفعه: "الشهر تسع وعشرون قال: فذكروا ذلك لعائشة، فقالت: يرحم الله أبا عبد الرحمن، إنما قال: "الشهر قد يكون تسعًا وعشرين".

وقد تقدّم لمسلم في رواية سماك بن الوليد، بنحو اللفظ الأخير الذي جزمت به عائشة، ولفظه: "قال: إن الشهر يكون تسعًا وعشرين".

وقال الحافظ وليّ الدين رحمه الله: [إن قلت]: ظاهر قوله: "إن الشهر تسع وعشرون" حصر الشهر في تسع وعشرين، مع أنه لا ينحصر فيه، فقد يكون ثلاثين.

[قلت]: عنه أجوبة:

(أحدهما): أن المعنى كما تقدم أن الشهر يكون تسعة وعشرين يومًا، وحينئذ فلا إشكال في ذلك.

(ثانيها): أن الألف واللام للعهد، والمراد أن هذا الشهر الذي أقسم على الامتناع من الدخول فيه تسعة وعشرون يومًا.

(ثالثها): أنه بنى ذلك على الغالب الأكثر؛ لأن مجيء الشهر تسعًا وعشرين في زمنه - صلى الله عليه وسلم - كان أكثر من ثلاثين، وفي سنن أبي داود، والترمذيٌ، عن ابن مسعود - رضي الله عنه -، قال: "ما صمت مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - تسعًا وعشرين أكثر مما صمنا ثلاثين"، وكذا في سنن ابن ماجه، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.

(رابعها): قال القاضي أبو بكر بن العربيّ: معناه حصره من أحد طرفيه، وهو النقصان؛ أي: أنه يكون تسعًا وعشرين، وهو أقلّه، وقد يكون ثلاثين، وهو أكثره، فلا تأخذوا أنتم بصوم الأكثر احتياطًا، ولا تقتصروا على الأقلّ