للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

براء - قال النوويّ: ووقع في بعض الأصول "مضبورًا" بضاد معجمة، وهي لغةٌ، والمراد بالمصبور بالمهملة، والمعجمة: المجموع، ولا ينافي كونه مصبوبًا، بل المراد أنه غير منتثر، وإن كان في غير وعاء، بل هو مصبوب مجتمع، وفي رواية سماك: "فنظرت في خِزانة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإذا أنا بقَبضة من شعير، نحوِ الصاع، ومثلِها قرظًا في ناحية الغرفة".

(فَقُلْتُ: ادْعُ اللهَ يَا رَسُولَ اللهِ أَنْ يُوَسِّعَ عَلَى أُمَّتِكَ) في رواية عُبيد بن حُنين: "فبكيت، فقال: وما يبكيك؟ فقلت: يا رسول الله إن كسرى وقيصر، فيما هما فيه، وأنت رسول الله"، وفي رواية سماك: "فابتدرت عيناي، فقال: ما يبكيك يابن الخطاب؟ فقلت: يا نبيّ الله، وما لي لا أبكي، وهذا الحصير قد أَثَّر في جنبك، وهذه خِزانتك، لا أرى فيها إلا ما أرى، وذاك قيصر وكسرى، في الأنهار والثمار، وأنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وصفوته؟ ".

(فَقَدْ وَسَّعَ عَلَى فَارِسَ وَالرُّوم، وَهُمْ لَا يَعْبُدُونَ اللهَ، فَاسْتَوَى جَالِسًا) ولفظ البخاريّ: "فجلس النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وكان متّكئًا" (ثُمَّ قَالَ: "أَفِي شَكٍّ أَنْتَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟) وفي رواية للبخاريّ: "أو في هذا أنت يا ابن الخطاب؟ ".

والمعنى: أأنت في شك في أن التوسع في الآخرة خير من التوسع في الدنيا؟ وهذا يُشعر بأنه - صلى الله عليه وسلم - ظَنّ أنه بكى من جهة الأمر الذي كان فيه، وهو غضب النبيّ - صلى الله عليه وسلم - على نسائه، حتى اعتزلهنّ، فلما ذكر له أمر الدنيا أجابه بما أجابه به.

وقال القرطبيّ رحمه الله: هذا إنكار منه - صلى الله عليه وسلم - على عمر - رضي الله عنه - لِمَا وقع منه من الالتفات إلى الدنيا، ومدّ عينيه إليها، وقد بالغ - صلى الله عليه وسلم - في الجواب، والردع بقوله: "أولئك قومٌ عُجِّلت لهم طيّباتهم وقوله: "أما ترضى أن تكون لهم الدنيا، ولنا الآخرة"، وفيه حجة على تفضيل الفقر. انتهى (١).

(أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلَتْ لَهُمْ طَيِّبَاتهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا") وفي رواية عُبيد بن حُنين: "أَلَا ترضى أن تكون لهم الدنيا، ولنا الآخرة؟ "، وفي رواية له: "لهما" بالتثنية، على إرادة كسرى وقيصر؛ لتخصيصهما بالذكر، والأخرى بإرادتهما،


(١) "المفهم" ٤/ ٢٦٣.