للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ومعنًى، وقوله: "كَشَر" بفتح الكاف، والمعجمة؛ أي: أبدى أسنانه ضاحكًا، قال ابن السِّكِّيت: كَشَرَ، وتبَسَّم، وابتسم، وافْتَرَّ: بمعنًى، فإذا زاد قيل: قَهْقَهَ، وكَرْكَرَ، وقد جاء في صفته - صلى الله عليه وسلم -: "كان ضَحِكُهُ تبسُّمًا".

(فَقُلْتُ: أَسْتَأْنِسُ يَا رَسُولَ اللهِ؟) هذا هو الاستفهام في الاستئناس، والاستئذان فيه، وأما قوله فيما مضى: "فقلت: أستأنس"، وإن رجّح الحافظ كونه استئنافًا، فالأظهر كونه حالًا، كما أسلفته، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

وقال القرطبيّ رحمه الله: قوله: "أستأنس" هو على الاستفهام، فيكون بهمزتين: همزة الاستفهام، دخلت على همزة المتكلّم، فإن شئت حقّقتهما، وإن شئت حقّقت الأولى، وسهّلت الثانية، ومعناه: أنبسط في الحديث انبساط المتأنّس الذي لا يخاف عَتْبًا، ولا لومًا؟ انتهى (١).

(قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("نَعَمْ") أي: استأنس (فَجَلَسْت، فَرَفَعْت رَأْسِيٍ فِي الْبَيْتِ) ولفظ البخاريّ: "فرفعت بصري في بيته" (فَوَاللهِ مَا رَأَيْتُ فِيهِ شَيْئًا، يَرُدُّ الْبَصَرَ) قيل: معناه: يَحْمِل البصر على تكرار الرؤية (إِلَّا أُهُبًا ثَلَاثَةً) "الأُهُبُ" بضمّتين: جمع إهاب بكسر الهمزة، قال المجد رحمه الله: "الإهاب" ككِتابٍ: الْجِلدُ، أو ما لم يُدبغ، جمعه: آهِبَةٌ، وأُهُبٌ، وأَهَبٌ. انتهى (٢).

وفي رواية البخاريّ: "غير أَهبَةٍ ثلاثة"، قال في "الفتح": في رواية الكشميهنيّ: "ثلاث"، و"الأَهَبَةُ" بفتح الهمزة والهاء، وبضمهما أيضًا: بمعنى الأُهُب، والهاء فيه للمبالغة، وهو جمع إهاب، على غير قياس، وهو الجلد قبل الدباغ، وقيل: هو الجلد مطلقًا، دُبِغ أو لم يدبغ، والذي يظهر أن المراد به هنا جلد شُرِع في دبغه، ولم يكمل؛ لقوله في رواية سماك بن الوليد: "فإذا أَفِيقٌ مُعَلَّقٌ"، والأَفِيق بوزن عَظِيم: الجلد الذي لم يَتِمّ دباغه، يقال: أَدَمٌ، وأديم وأَفَقٌ، وأَفِيقٌ، وإهابٌ، وأُهُبٌ، وعِمادٌ، وعَمُودٌ، وعَمَدٌ، ولم يجئ فَعِيلٌ، وفَعُول على فَعَلٍ، بفتحتين في الجمع إلا هذه الأحرف، والأكثر أن يجيء فُعُلٌ بضمتين، وزاد في رواية عَبيد بن حُنين: "وأن عند رجليه قَرَظًا - بقاف، وظاء معجمة - مصبوبًا - بموحدتين"، وفي رواية أبي ذرّ: "مصبورًا" -


(١) "المفهم" ٤/ ٢٦٣.
(٢) "القاموس المحيط" ١/ ٣٧.