ومن تبعهما، أو كان على مثل حالهما، زاد في رواية سماك:"فقلت: بلى".
(فَقُلْتُ: اسْتَغْفِرْ لِي يَا رَسُولَ اللهِ) أي: عن جراءتي بهذا القول بحضرتك، أو عن اعتقادي أن التجملات الدنيوية مرغوب فيها، أو عن إرادتي ما فيه مشابهة الكفار في ملابسهم، ومعايشهم (١).
(وَكَانَ) - صلى الله عليه وسلم - (أَقْسَمَ أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَيْهِن شَهْرًا) في رواية حماد بن سلمة، عن عبيد بن حنين:"وكان آلى منهنّ شهرًا" أي: حَلَف، أو أقسم، وليس المراد به الإيلاء الذي في عُرف الفقهاء اتفاقًا. وفي حديث أنس قال:"آلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من نسائه شهرًا"، وهذا موافق للفظ رواية حماد بن سلمة هنا، وإن كان أكثر الرواة في حديث عُمر لم يعبّروا بلفظ الإيلاء، قاله في "الفتح".
وقوله:(مِنْ شِدَّةِ مَوْجِدَتِهِ) أي: غضبه (عَلَيْهِنَّ، حَتَّى عَاتَبَهُ اللهُ عز وجل) وفي رواية البخاريّ: "اعتزل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - نساءه، من أجل ذلك الحديث الذي أفشته حفصة إلى عائشة".
قال الحافظ رحمه اللهُ في "الفتح": كذا في هذه الطريق لم يُفَسَّر الحديث المذكور الذي أفشته حفصة، وفيه أيضًا:"وكان قال: ما أنا بداخل عليهنّ شهرًا، من شدة مَوْجَدته عليهنّ حين عاتبه الله"، وهذا أيضًا مبهم، ولم أره مفسّرًا، وكان اعتزاله في المشربة، كما في حديث ابن عباس، عن عمر، فأفاد محمد بن الحسن المخزوميّ في كتابه "أخبار المدينة" بسند له مرسل: "أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يبيت في المشربة، وَيقِيل عند أراكة على خلوة بئر كانت هناك"، وليس في شيء من الطرق عن الزهريّ بإسناد حديث الباب إلا ما رواه ابن إسحاق، كما أشرت إليه في تفسيع سورة التحريم، والمراد بالمعاتبة قوله تعالى:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} الآيات [التحريم: ١ - ٣].
وقد اختُلِف في الذي حَرَّم على نفسه، وعوتب على تحريمه، كما اختُلِف في سبب حلفه على أن لا يدخل على نسائه، على أقوال، فالذي في "الصحيحين" أنه العسل، كما مضى، من طريق عُبيد بن عُمير، عن عائشة - رضي الله عنها -، وذكرت في التفسير قولًا آخر أنه في تحريم جاريته مارية، وذكرت هناك كثيرًا