للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وأخرجه مسلم، وأبو داود من طريق أيوب، عن نافع، بلفظ: "إذا دعا أحدكم أخاه فليجب، عُرْسًا كان أو نحوه"، ولمسلم من طريق الزُّبَيديّ، عن نافع، بلفظ: "من دُعي إلى عُرس، أو نحوه، فليجب".

قال: وقد أخذ بظاهر الحديث بعض الشافعية، فقال: بوجوب الإجابة إلى الدعوة مطلقًا، عُرسًا كان أو غيره بشرطه، ونقله ابن عبد البرّ عن عبيد الله بن الحسن العنبريّ، قاضي البصرة، وزعم ابن حزم أنه قول جمهور الصحابة والتابعين، ويَعْكُر عليه ما نقلناه عن عثمان بن أبي العاص، وهو من مشاهير الصحابة أنه قال في وليمة الختان: "لم يكن يدعى لها"، لكن يمكن الانفصال عنه بأن ذلك لا يمنع القول بالوجوب لو دَعَوْا. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: لا يعكُر على قول ابن حزم ما ذكره عن عثمان بن أبي العاص؛ لأن ابن حزم لم ينف ثبوته عن الصحابة، وإنما قال: قول جمهورهم، فكيف يُعترض عليه؟ وقد سبق تمام البحث في هذا قريبًا، فتبصّر.

وقوله: (وَيَأْتِيهَا وَهُوَ صَائِمٌ) ولأبي عوانة من وجه آخر عن نافع: "وكان ابن عمر يجيب صائمًا ومُفطِرًا"، ووقع عند أبي داود، من طريق أبي أسامة، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، في آخر الحديث المرفوع: "فإن كان مفطرًا، فليَطعم، وإن كان صائمًا فليَدْع"، ويأتي للمصنّف من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: "فإن كان صائمًا فليصلّ"، ووقع في رواية هشام بن حسّان في آخره: "والصلاة الدعاء"، قال الحافظ - رحمه الله -: وهو من تفسير هشام راويه، ويؤيده الرواية الأخرى.

قال: وحمله بعض الشراح على ظاهره، فقال: إن كان صائمًا فليشتغل بالصلاة؛ ليحصل له فضلها، ويَحصُل لأهل المنزل والحاضرين بركتها.

وفيه نظر؛ لعموم قوله: "لا صلاة بحضرة طعام"، لكن يمكن تخصيصه بغير الصائم، قال: وفي حديث أُبَيّ بن كعب: "لَمّا حضر الوليمة، وهو صائم أثنى ودعا"، وعند أبي عوانة من طريق عمر بن محمد، عن نافع: "كان ابن عمر إذا دُعي أجاب، فإن كان مفطرًا أكل، وإن كان صائمًا دعا لهم، وبَرَّك، ثم انصرف".