للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

مُحْتَمِلٌ، ولا يبعد على قواعدنا القول به؛ لما في الوقوف على الأبواب من الذلّ الذي يصعب على الإنسان، ويشق عليه احتماله، والله أعلم.

واعتَبَر الحنابلة في وجوب الإجابة أن لا يكون الداعي ممن يجوز هجره، والقول به عندنا قريب؛ لأن التودد بحضور الوليمة أشدّ، وأبلغ من السلام والكلام، فإذا لَمْ يُحَيَّ فحضور الوليمة أولى، فهذه عشرون شرطًا. انتهى كلام وليّ الدين - رحمه الله - (١)، وهو بحث نفيسٌ، وقد سبق مناقشة بعض ما ذكره، فتنبّه، والله تعالى أعلم بالصواب، واليه المرجع والمآب.

(المسألة الثامنة): في اختلاف أهل العلم في وقت الوليمة، هل هو عند العقد، أو عقبه، أو عند الدخول، أو عقبه، أو موسّعٌ من ابتداء العقد إلى انتهاء الدخول؟ على أقوال:

قال النوويّ - رحمه الله -: اختلفوا، فحكى عياضٌ أن الأصحّ عند المالكيّة استحبابه بعد الدخول، وعن جماعة منهم أنه عند العقد، وعند ابن حبيب عند العقد، وبعد الدخول، وقال في موضع آخر: يجوز قبل الدخول وبعده، وذكر ابن السبكيّ أن أباه قال: لم أر في كلام الأصحاب تعيين وقتها، وأنه استنبط من قول البغويّ: ضرب الدفّ في النكاح جائزٌ في العقد، والزفاف، قبلُ وبعدُ قريبًا منه، أن وقتها موسّعٌ من حين العقد، قال: والمنقول من فعل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنها بعد الدخول، كأنه يشير إلى قصّة زينب بنت جحش - رضي الله عنها -، وقد ترجم عليه البيهقيّ في وقت الوليمة. انتهى.

قال الحافظ: وما نفاه من تصريح الأصحاب متعقّبُّ بأن الماورديّ صرّح بأنها عند الدخول، وحديث أنس - رضي الله عنه - في هذا الباب صريح في أنها بعد الدخول؛ لقوله فيه: "أصبح عروسًا بزينب، فدعا القوم".

واستحبّ بعض المالكيّة أن تكون عند البناء، ويقع الدخول عقبها، وعليه عمل الناس اليوم، ويؤيّد كونها للدخول، لا للإملاك أن الصحابة بعد الوليمة تردّدوا، هل هي زوجةٌ، أو سُرّيّةٌ؟ فلو كانت الوليمة عند الإملاك لعرفوا أنها


(١) "طرح التثريب في شرح التقريب" ٧/ ٧١ - ٧٧.