القاضي عياض أن الأصح عند مالك وغيره أنه يستحب فعلها بعد الدخول، وعن جماعة من المالكية استحبابها عند العقد، وعن ابن حبيب استحبابها عند العقد، وبعد الدخول.
قال وليّ الدين: ثم إن أريدَ أنه لا تجب الإجابة فيما إذا عُملت الوليمة قبل العقد فهو واضح، ولكن لا يحتاج إلى ذكره؛ لأنها ليست وليمة عرس، ويبقى النظر فيما لو دُعي قبل العقد؛ ليحضر العقد، ويأكل طعامًا قد هُيِّئ، هل تجب الإجابة أم لا؟ فيه احتمال؛ لكونه لم يُعقد إلى الآن، والظاهر وجوب الإجابة؛ لكون الوليمة إنما تُفعل بعد العقد، وإن كان الإعلام بها سابقًا.
وإن أريدَ أنّا إذا استحببنا أن تكون بعد الدخول، فعُملت قبله لا تجب الإجابة فهو ممنوع؛ لأنها وليمة عرس، وإن عَدَل بها صاحبها عن الأفضل، فهو كمن أولم بغير شاة، مع التمكن منها.
قال الجامع عفا الله عنه: هذا كلّه عند من قال: إن الواجب إجابة دعوة وليمة العرس فقط، لكن الصحيح كما سيأتي أن إجابة الدعوة واجبة، مطلقًا، عُرسًا كان، أو غيرها، فتنبّه، والله تعالى أعلم.
[سابع عشرها]: أن يكون المدعوّ مسلمًا، فلو دعا مسلم كافرًا لم تلزمه الإجابة جزمًا، كما صرح به الماورديّ، والرويانيّ، وعللاه بأنه لم يلتزم أحكامنا إلا عن تراض، فلو رضي ذميان بحكمنا أخبرناهما بإيجاب الإجابة، وهل يخبر المدعوّ أم لا؟ فيه قولان، حكاهما الماورديّ، والرويانيّ.
قال وليّ الدين: فهذا ما وقفت عليه في ذلك لأصحابنا المتقدمين والمتأخرين، واعتَبَر مالك - رحمه الله - في وجوب الإجابة أن لا يكون هناك زحام، ولا إغلاق باب دونه، حكاه عنه ابن الحاجب في "مختصره"، فأما الأول وهو انتفاء الزحام فقد صرح الروياني من أصحابنا بخلافه، وقال: إن الزحام ليس عذرًا، وقد يقال: إنه مختلفٌ؛ لِمَا سبق من اعتبار أن لا يكون هناك من يتأذى به، فإن الزحام مما يتأذى به.
وأما الثاني وهو إغلاق الباب دونه، فإن أريدَ استمرار إغلاقه، فلا يُفتَح له أصلًا، فهذا واضح؛ لأنه لم يتمكن من حضور الوليمة، فلا يمكن القول بوجوبه عليه، وإن أريد إغلاقه حتى يحتاج إلى الإعلام والتوسل فيفتح، فهذا