للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

النوويّ في "الروضة"، وأقرّه، وقال السبكيّ: وهو الصواب، إلا أن يكون الحال على خلاف ذلك، كما كان سفيان الثوريّ وأضرابه يزورون رابعة العدوية، ويسمعون كلامها، فإذا وُجدت امرأة مثل رابعة، ورجل مثل سفيان لم يكره لهما ذلك، قال وليّ الدين: أين مثلُ سفيان ورابعة؟ بل الضابط أن يكون الحضور إليها لأمر دينيّ مع أمن الفتنة.

قال: وقال شيخنا الإمام جمال الدين عبد الرحيم الإسنويّ: إن أراد المروزيّ تحريم الإجابة فممنوع، وإن أراد عدم الوجوب فلا حاجة لتقييده بعدم وجود محرم؛ لأن هنا مانعًا آخر من الوجوب، وهو عدم العموم.

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي قالوه في مسألة دعوة المرأة الأجنبيّة فيه نظر لا يخفى؛ لأن الذي ورد في الشرع النهي عنه هو الخلوة بالأجنبيّة، وأما إذا لم يكن هناك خلوة بها، فأين الدليل المانع من إجابة دعوتها؟، فليُتأمّل حقّ التأمل، والله تعالى أعلم.

[ثاني عشرها]: أن لا يكون المدعوّ قاضيًا، ذكره بعض أصحابنا، وقال مطرّف، وابن الماجشون من المالكية: لا ينبغي للقاضي أن يجيب الدعوة إلا في الوليمة وحدها؛ للحديث؛ وفي "الموازنة": أكره أن يجيب أحدًا، وهو في الدعوة خاصةً أشدّ، وقال سحنون: يجيب الدعوة العامة، ولا يجيب الخاصة، فإن تنزه عن مثل هذا، فهو أحسن، قال الشيخ تقيّ الدين في "شرح الإلمام": والعموم يقتضي ظاهره المساواة بين القاضي وغيره، قال: والذين استثنوا القاضي، فإنما استثنوه لمعارض قام عندهم، وكأنه طلب صيانته عما يقتضي ابتذاله، وسقوط حرمته عند العامة، وفي ذلك عود ضرر على مقصود القضاء من تنفيذ الأحكام؛ لأن الهيئات مُعِينة عليها، ومن لم يعتبر هذا رجع إلى الأمر، وإنّ ترك العمل بمقتضاه مفسدة محققةٌ، وما ذكر من سبب التخصيص قد لا يفضي إلى المفسدة. انتهى.

ويَحْتَمِل أن يكون المعنى في المنع ما فيه من استمالته، وأنه قد يكون في معنى قبوله الهدية، والله أعلم.

قال الجامع عفا الله عنه: استثناء القاضي من عموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا دُعِي أحدكم إلى الوليمة، فليُجِب" محلّ نظر، فتأمّل.