للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وهو قياس حقوق العباد، ما لم يكن فيه شائبة حق الله تعالى، كردّ السلام، فإنه لا يسقط وجوب الردّ برضى المسلِّم بتركه، وقد يُظْهِر الرضى، ويورث مع ذلك وحشة. انتهى، فلو غَلَب على ظنه أن الداعي لا يتألم بانقطاعه، ففيه تردّدٌ، حكاه القاضي مُجَلِّي في "الذخائر".

[سابعها]: أن لا يسبق الداعي غيره، فإن دعاه اثنان أجاب الأسبق، فإن جاءا معًا أجاب الأقرب رَحِمًا، ثم دارًا، وعكس الماورديّ، والرويانيّ، فقدّما قُرب الجوار على قرب الرحم، وذكرا بعدهما القرعة، وقال الحنابلة: يُقدَّم أدينهما، ثم أقربهما رحمًا، ثم جِوَارًا، ثم بالقرعة، وإجابة الأول هو امتثال لهذا الحديث، والامتناع من الثاني إذا تزاحما في الوقت؛ لتعذر الجمع بينه وبين الأول، والله أعلم

[ثامنها]: أن لا يكون هناك من يتأذى بحضوره، ولا تليق به مجالسته، فإن كان فهو معذور في التخلف، وكذا اعتَبَر المالكية في الوجوب أن لا يكون هناك أراذل، وأشار الغزاليّ في "الوسيط" إلى حكاية وجه بخلاف هذا، وفي "البحر" للرويانيّ: لو دعا مُحْتَشَمًا مع سفهاء القوم، هل تلزمه الإجابة؟ وجهان، ويوافقه قول الماورديّ: ليس من الشروط إلا يكون عدوًّا للمدعوّ، ولا يكون في الدعوة من هو عدوّ له، وفيما قاله نظرٌ، وأيّ تأذٍّ أشدّ من مجالسة العدوّ؟

[تاسعها]: ألا يكون هناك منكر، كشرب الخمر، والملاهي، فإن كان نَظَر إن كان الشخص المدعوّ ممن إذا حَضَر رُفِع المنكر فليحضر؛ إجابةً للدعوة، وإزالةً للمنكر، وإلا فوجهان: أحدهما الأولى أن لا يحضر، ويجوز أن يحضر، ولا يستمع، وينكر بقلبه، كما لو كان يُضْرَب المنكر في جِوَاره فلا يلزمه التحول، وإن بلغه الصوت، وعلى ذلك جرى العراقيّون، كما قال الرافعيّ، أو بعضهم، كما قال النوويّ، وحكاه البيهقي عن أصحابنا، وهو ظاهر نصّ الشافعيّ - رحمه الله - في "الأُمّ"، و"المختصر"، وحُكي عن أبي حنيفة: ابتليتُ بهذا مرّةً، وهذا لأن إجابة الدعوة سنة، فلا يَتركها لما اقترنت من البدعة من غيره، قال: وهذا إذا لَمْ يكن مُقْتَدًى، فإن كان، ولم يقدر على منعهم يخرج ولا يقعد؛ لأن في ذلك شين الدين، وفتح باب المعصية على المسلمين، والمحكيّ عن أبي حنيفة كان قبل أن يصير مُقتدًى، ولو كان ذلك