للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

تؤمن بالله، واليوم الآخر، تسافر مسيرة يوم إلا مع ذي محرم"، ومفهوم هذا أن النهي المذكور يختصّ بالمؤمنات، فتخرج الكافرات، كتابيّة كانت، أو حربيّة، وقد قال به بعض أهل العلم، وأجيب بأن الإيمان هو الذي يستمرّ للمتّصف به خطاب الشرع، فينتفع به، وينقاد له، فلذا قيّده به، أو أن الوصف ذُكر لتأكيد التحريم، ولم يُقصَد به إخراج ما سواه، أفاده في "الفتح" (١).

(تُسَافِرُ) بتقدير "أن" المصدريّة؛ أي: أن تسافر، وكذا الروايات التالية، وحذف "أن" ورفعُ الفعل جائز في سعة الكلام، كما في قوله {وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ} الآية [الروم: ٢٤]، وأما حذفها، ونصب الفعل فشاذّ إلا في المواضع المعروفة، كما قال في "الخلاصة":

وَشَذَّ حَذْفُ "أَنْ" وَنَصْبٌ فِي سِوَى … مَا مَرَّ فَاقْبَلْ مِنْهُ مَا عَدْلٌ رَوَى

ومنه قول الشاعر [من الطويل]:

أَلَا أَيُّهَا الزَّاجِرِي أَحْضُرَ الْوَغَى … وَأَنْ أَشْهَدَ اللَّذَّاتِ هَلْ أَنْتَ مُخْلِدِي

بنصب "أحضُرَ".

وفي رواية للبخاريّ: "لا يحلّ لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر".

(مَسِيرَةَ لَيْلَةٍ) بنصب "مسيرةَ" على الظرفيّة، وهو مصدر ميميّ بمعنى السير؛ كالمعيشة بمعنى العيش، واختلفت الرواية عن أبي هريرة -رضي الله عنه- في ذكر المدة، ففي هذه الرواية: "مسيرة ليلة وفي الرواية التالية: "مسيرة يومٍ وفي الرواية الرابعة: "أن تسافر ثلاثًا وفي رواية للشيخين: "مسيرة يوم وليلة وفي رواية لأبي داود: "بريدًا"، وقد تقدم الكلام في ذلك، وأنه ليس المراد التحديد، بل المدار على ما يُسَمَّى سفرًا، والاختلاف إنما وقع لاختلاف السائل والمواطن، وليس هو من المطلق والمقيد، بل من العام الذي ذُكرت بعض أفراده، وذا لا يُخَصِّص على الأصح (٢).

(إِلَّا وَمَعَهَا رَجُلٌ، ذُو حُرْمَةٍ مِنْهَا") وفي رواية: "إلا مع ذي محرم"، وفي أخرى: "إلا مع ذي محرم عليها"، وفي أخرى: "إلا ومعها رجل ذو محرم منها"، وكلّها عند المصنّف، وفي رواية للبخاريّ: "ليس معها حرمة"، هكذا


(١) "الفتح" ٣/ ٤٦٦ - ٤٦٧.
(٢) "المرعاة" ٨/ ٣٤٠.