للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

لأنها مؤنثٌ سماعيّ، قال الطيبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: ويَحْتَمِل أن يعود إلى الهدايا.

قال النوويّ: وفيه استحباب الأكل من هدي التطوع، وأضحيته، قال العلماء: لَمّا كان الأكل من كل واحدة سنةً، وفي الأكل من كل واحدة من المائة منفردةً كُلْفة، جُعِلت في قدر؛ أي: جُمعت في قدر واحدة؛ ليكون تناوله من مرق الجميع كالأكل من اللحم المجتمع في المرق ما تيسر، وأجمع العلماء على أن الأكل من هدي التطوع، وأضحيته سنة، ليس بواجب، وقد استُدلّ به على جواز الأكل من هدي المتعة والقران على القول بأنه - صلى الله عليه وسلم - كان متمتّعًا، أو قارنًا.

وقد تقدّم أن الأصحّ عند المحقّقين من الشافعيّة أنه - صلى الله عليه وسلم - كان قارنًا في آخره، فيُرد عليهم أنه كيف أكل من هداياه، وكان فيها دم القران أيضًا، فلم يكن إذًا كلُّها هدايا تطوّع وأضحيّة، ولا يجوز الأكل من الهدي الواجب، كهدي التمتّع، والقران، والنذر في مذهب الشافعيّ؟

قال الطبريّ: ولا حجة في هذا الحديث عليهم؛ إذ الواجب عليه سُبُع بدنة، ويكون الأكل من حصّة التطوّع. انتهى، ولا يخفى ما فيه من التعسّف. قاله في "المرعاة" (١).

وقال القرطبي - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "ثم أمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدرٍ … إلخ"، إنما فعل هذا ليمتثل قوله تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا} [البقرة: ٥٨]، وهما وإن لم يأكلا من كل بضعة، فقد شربا من مرق كل ذلك، وخصوصية عليّ - رضي الله عنه - بالمؤاكلة؛ دليل على أنه أشركه في الهدي.

وفيه دليل: على أن من حَلَف لا يأكل لحمًا فشرب مرقه: أنه يحنث.

وفيه دليل على استحباب أكل الأقل من الهدايا والضحايا، والتصدق بأكثر.

وفيه دليل على جواز أكل المهدي من هدي القران، وقد قدَّمنا: أنه كان قارنًا، وسيأتي حكم الأكل من الهدايا. انتهى (٢).

(ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَأَفَاضَ إِلَى الْبَيْتِ) أي: أسرع إلى بيت الله


(١) "المرعاة" ٩/ ٤٢.
(٢) "المفهم" ٣/ ٣٤١ - ٣٤٢.