ليطوف به طواف الإفاضة، ويُسمّى أيضًا طواف الزيارة، وطواف الفرض والركن، قال الطبريّ: الإفاضة الدفع في السير، وقال ابن عرفة: أفاض من المكان: إذا أسرع منه لمكان آخر، وقال غيره: أصل الإفاضة الصبّ، فاستعير للدفع في السير، وأصله أفاض نفسه، أو راحلته، فرفضوا ذكر المفعول حتى أشبه غير المتعدّي.
وطواف الإفاضة هو الذي يكون إثر الإفاضة من منى إلى مكة، ويقال له أيضًا: طواف الزيارة، وطواف الفرض.
قال القرطبي - رَحِمَهُ اللهُ -: هذا الطواف هو طواف الإفاضة، وسُمِّي: طواف الزيارة، وهو واجب بإجماع، وهو الذي تناوله قوله تعالى: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (٢٩)} [الحج: ٢٩]، ولا خلاف أن إيقاعه يوم النحر أولى وأفضل، فلو أوقعه بعد يوم النحر، فهل يلزم الدم بتأخيره أم لا يلزم؟ واختلف فيه، وسيأتي، والجمهور على أن من ترك طواف الإفاضة؛ أن طواف الوداع لا يجزئ عنه إلا مالكًا، فإنه قال: يجزئ عنه إذا رجع إلى بلده، قال القاضي عياض: وكذلك طواف التطوُّع. انتهى (١).
وقال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: هذا الطواف هو طواف الإفاضة، وهو ركن من أركان الحجّ بإجماع المسلمين، وأول وقته عندنا من نصف ليلة النحر، وأفضله بعد رمي جمرة العقبة، وذبح الهدي، والحلق، ويكون ذلك ضحوة يوم النحر، ويجوز في جميع يوم النحر بلا كراهة، ويكره تأخيره عنه بلا عذر، وتأخيره عن أيام التشريق أشدّ كراهة، ولا يحرم تأخيره سنين متطاولة، ولا آخر لوقته، بل يصحّ ما دام الإنسان حيًّا، وشرطه أن يكون بعد الوقوف بعرفات، حتى لو طاف للإفاضة بعد نصف ليلة النحر قبل الوقوف، ثم أسرع إلى عرفات، فوقف قبل الفجر لم يصحّ طوافه؛ لأنه قدمه على الوقوف، واتفق العلماء على أنه لا يشرع في طواف الإفاضة رملٌ، ولا اضطباع إذا كان قد رمل، واضطبع عقب طواف القدوم، ولو طاف بنية الوداع، أو القدوم، أو التطوع، وعليه طواف إفاضة وقع عن طواف الإفاضة بلا خلاف عندنا، نَصّ عليه الشافعيّ، واتفق