للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

عليّ - رضي الله عنه -، والنبيّ - صلى الله عليه وسلم - نحر سبعًا بيده، لم يشاهده عليّ، ولا جابر، ثم نحر ثلاثًا وستين أخرى، فبقي من المائة ثلاثون، فنحرها عليّ، فانقلب على الراوي عدد ما نحره عليّ بما نحره النبيّ - صلى الله عليه وسلم -.

[فإن قيل]: فما تصنعون بحديث عبد الله بن قُرط، قال: قرّب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بدنات خمس، فطفِقن يزدلفن إليه بأيتهنّ يبدأ … الحديث، أخرجه أبو داود، وغيره؛

[قيل]: نقبله، ونصدّقه، فإن المائة لم تقرب إليه جملة، وإنما كانت تقرب إليه أرسالًا، فقرّب منهنّ إليه خمس بدنات رسلًا، وكان ذلك الرسل يُبادرن، ويتقرّبن إليه ليبدأ بكلّ واحدة منهن. انتهى كلام ابن القيّم - رَحِمَهُ اللهُ -، وهو تحقيقٌ حسنٌ، والله تعالى أعلم.

وقال الطبريّ - رَحِمَهُ اللهُ - بعد ذكر وجوه الجمع المذكورة عن ابن حزم: ليس في واحد من هذه الوجوه الثلاثة جمع بين الأحاديث الثلاثة، فان الأول والثاني يخرج منهما حديث غرفة، والثالث يخرج منه حديث جابر، والأولى أن يقال: نحر سبعًا منفردًا، ثم تمام الثلاث والستين هو وعليّ - رضي الله عنه -، ونُسب الفعل إليه - صلى الله عليه وسلم - لما ذكاناه، ثم أمر عليًّا بنحر ما بقي من المائة، والله تعالى أعلم (١).

(ثُمَّ أَمَرَ) بالبناء للفاعل؛ أي: أمر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - (مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ) أي: من المائة (بِبَضْعَةٍ) بفتح الباء الثانية؛ أي: بقطعة من لحمها، قال النوويّ: البضعة بفتح الباء لا غير، وهي القطعة من اللحم، وقال الجوهريّ: هذه بالفتح، وأخواتها بالكسر، مثل القِطعة، والْفِلْذة، والْفِدرة، والكِسفة، والخرقة، وفي العدد تُكسر وتفتح، مذكرًا كان أو مؤنّثًا -. انتهى (٢).

(فَجُعِلَتْ) بالبناء للمفعول؛ أي: جُعلت تلك القطع (فِي قِدْرٍ) بكسر القاف: لأنْ يُطبخ فيه، وهي مؤنثة، ولهذا تدخل الهاء في التصغير، فيقال: قُديرةٌ، وجمعها قُدُورٌ، مثلُ حَمْل وحُمُول (٣). (فَطُبِخَتْ) بالبناء للمفعول (فَأَكَلَا مِنْ لَحْمِهَا، وَشَرِبَا مِنْ مَرَقِهَا) قال المظهر: الضمير المؤنّث يعود إلى القدر؛


(١) "المرعاة" ٩/ ٤١ - ٤٢.
(٢) "المرعاة" ٩/ ٤٢.
(٣) "المصباح المنير" ٢/ ٤٩٢.